تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، تحتضن مدينة أكادير، خلال الفترة الممتدة من 17 إلى 19 دجنبر 2025، فعاليات الدورة العشرين لمهرجان تيميتار – علامات وثقافات. وعلى مدى عقدين من الزمن، واكب هذا الموعد الثقافي مسار الموسيقى الأمازيغية من حيث صونها ونقلها وتجديدها، وفتح آفاق الحوار بينها وبين مختلف التعبيرات الموسيقية العالمية، في فضاء يلتقي فيه التراث الحي مع الكتابات الفنية المعاصرة. ومنذ إحداثه سنة 2004، رسّخ مهرجان تيميتار مكانته كإحدى أبرز المحطات في المشهد الثقافي المغربي. فلم يعد مجرد مهرجان فني، بل أضحى فضاء للعبور والتقاسم، تروى فيه التقاليد الأمازيغية، وتنتقل عبر الأجيال، وتعاد صياغتها في تفاعل خلاق مع تجارب فنية قادمة من إفريقيا، والعالم العربي، وحوض البحر الأبيض المتوسط. ووفاء لروحه المؤسسة، يحرص تيميتار على تثمين هذا التراث اللامادي الغني دون تجميده، من خلال مواكبة حيويته واستمراريته عبر الزمن. أصوات أمازيغية بين الإرث والتجديد تجسّد دورة 2025 هذه الرؤية بوضوح، حيث تحتفي البرمجة الفنية، على منصتي ساحة الأمل ومسرح الهواء الطلق، بفنانين وتشكيلات موسيقية تعكس تنوع وعمق وراهنية الموسيقى الأمازيغية في مختلف تعبيراتها. ومن بين أبرز محطات هذه الدورة، يقدّم مشروع AⵣMⵣ – أحواش بنات لوز وراسكاس بتكشبيلا تجربة فنية غامرة، تمزج بين الأهازيج التقليدية، وإيقاعات سوس، والتوليفات الإلكترونية، والسْلام، والشعر الأمازيغي. وهي كتابة معاصرة متجذرة في الأشكال التراثية، تستكشف آفاقًا صوتية جديدة. وتُعد الفنانة فاطمة تابعمرانت من الأصوات البارزة في سوس، حيث تستحضر، من خلال أغانيها وقصائدها الأمازيغية، أهمية الذاكرة الجماعية ودور النقل الشفهي في صون التراث. أما مجموعة إزنزارن، باعتبارها إحدى الركائز الأساسية للمشهد الموسيقي الأمازيغي، فتواصل مسارها الفني عبر مزج القيثارات والإيقاعات بالنصوص الشعرية، محافظة على روح رصيد فني أصبح علامة فارقة، مع إبقائه نابضا بالحياة والتجدد. ويمثل مشروع AZA لقاء موسيقيا وُلد بمدينة سانتا كروز بولاية كاليفورنيا، حيث تتقاطع أصوات أمازيغية وأمريكية لتجسيد حوار فني معاصر، يستحضر ذاكرة شمال إفريقيا ويستمد طاقته من موسيقى العالم. ويبرز خالد الوعباني كأحد أصوات الساحة الأمازيغية المعاصرة، إذ يقدّم، بصفته مؤلفا وملحنا ومؤديا، تجربة فنية حساسة تمزج بين الشعر الأمازيغي والتوزيعات الحديثة، في توازن دقيق بين الوفاء للجذور وحرية الإبداع. ومن جهته، يقترح الفنان هشام مسين، باعتباره أحد وجوه الموسيقى الأمازيغية المعاصرة، قراءات فنية رفيعة لأعمال الراحل عموري مبارك، يعيد تقديمها بروح من الاحترام والدقة الفنية. وإلى جانبه، يحيي بدر وهابي تراث الفنان الراحل محمد رويشة من خلال إعادة أداء مقطوعاته الخالدة بإحساس صادق ووفاء للأصل. وتُكمل فرق أحواش طاطإ وأحواش أكلاكال هذه الرحلة الموسيقية، من خلال تجسيد البعد الجماعي والاحتفالي لفن أحواش، عبر الغناء الجماعي، والإيقاعات، والرقصات التقليدية القادمة من مناطق الأطلس الصغير وسوس. أكادير… مسرح تيميتار المفتوح تحتضن فعاليات مهرجان تيميتار فضاءين رمزيين من معالم مدينة أكادير. فـساحة الأمل، التي خضعت لإعادة تهيئة سنة 2025، توفر إطارا حضريا حديثا ملائما للعروض الكبرى واللقاءات المفتوحة للجمهور. فيما يضمن مسرح الهواء الطلق، بعد ترميمه، شروطا مريحة للعرض وتجهيزات تقنية متطورة، تستجيب لمتطلبات العروض الفنية وعمليات التصوير السمعي البصري. ويعكس هذان الفضاءان الدينامية الثقافية التي تشهدها المدينة، وقدرتها على التوفيق بين التراث، والحداثة، والانفتاح. تيميتار: الذاكرة الجماعية بروح معاصرة بصفته مهرجانا مجانيا ومفتوحا أمام جميع الفئات، يجدد تيميتار 2025 التأكيد على رسالته الجوهرية، المتمثلة في خدمة الموسيقى الأمازيغية، ودعم الفنانين الحاملين لها، وتقريبها من جمهور واسع يكتشفها أو يعيد اكتشافها. ومن خلال دورته العشرين، يواصل المهرجان التزامه بصون تراث حي ومتجدد، ينتقل بين الأجيال، ويظل راسخا في الحاضر ومتفاعلا مع تحولات العصر.