بدأ وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، يوم الاثنين، بزيارة عمل إلى فرنسا، بدعوة من وزير أوروبا والشؤون الخارجية للجمهورية الفرنسية، جان نويل بارو. وتندرج هذه الزيارة في إطار تعزيز العلاقات الثنائية وتفعيل الشراكة الاستثنائية التي أرساها الإعلان المشترك الموقع بالرباط يوم 28 أكتوبر 2024، تحت إشراف الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كما تمثل هذه الزيارة مناسبة لتقييم مدى تقدم تنفيذ مضامين هذا الإعلان على مختلف الأصعدة، بما يتماشى مع التوجيهات الاستراتيجية لقائدي البلدين، وتأكيداً على الإرادة المشتركة في تعزيز التعاون الثنائي في المجالات ذات الاهتمام المشترك. ويشهد ملف الصحراء المغربية تحولات نوعية على الصعيد الدولي، مدفوعة بدينامية دبلوماسية فعالة يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، أسفرت عن تعزيز الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وتوسيع دائرة الدعم لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي للنزاع الإقليمي المفتعل، حيث تواصل هذه الدينامية ترسيخ مكانة المغرب على الساحة الدولية، حيث حققت الدبلوماسية المغربية اختراقات مهمة في عدد من الدول الأوروبية، من بينها فرنسا، المجر وإستونيا، التي طورت مواقفها بشكل ملحوظ نحو دعم أكبر للموقف المغربي. ففي رسالة وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الملك بمناسبة الذكرى الـ25 لعيد العرش، أكد فيها أن "حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان ضمن سيادة المغرب"، وهو الموقف الذي تم تعزيزه بالإعلان المشترك حول "شراكة استثنائية معززة" وُقّع بالرباط في أكتوبر 2024. كما يندرج هذا التحول في سياق دعم أوروبي متنامٍ لمبادرة الحكم الذاتي، إذ تعتبر العديد من العواصم الأوروبية أن هذا المقترح الجاد وذي المصداقية يشكل قاعدة واقعية لحل دائم للنزاع، وتتزامن هذه التحركات مع استعداد مجلس الأمن لعقد جلسة مغلقة يقدم خلالها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، إحاطة حول مستجدات الملف. في هذا الإطار، أكد مراقبون أن المغرب اختار توقيتاً دقيقاً لتعزيز حضوره الدبلوماسي، من خلال زيارة وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة لعدد من الدول الشريكة، وتوضيح موقف المملكة وتجديد التأكيد على تشبثها بمبادرة الحكم الذاتي. وتأتي هذه التحركات في أعقاب زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر، التي استغلّتها بعض الأطراف لشن حملة تضليلية حول وجود "تراجع" في الموقف الفرنسي، غير أن زيارة بوريطة والنتائج المترتبة عنها دحضت هذه الادعاءات، وأعادت التأكيد على دعم باريس المستمر لسيادة المغرب على صحرائه، لا سيما وأن فرنسا تتولى رئاسة مجلس الأمن الدولي خلال شهر أبريل الجاري. وقد نجح المغرب في تحويل شهر أبريل، الذي كان في السابق يُعتبر مرحلة حرجة بسبب الاستحقاقات الأممية، إلى فرصة للقيادة والمبادرة، حيث بات يفرض أجندته، ويتصدر النقاشات الدبلوماسية، ويخلق الحدث بفضل رؤية ملكية استراتيجية تجمع بين الاستباق والتأثير في القرار الدولي، كما تحرر من الإيقاع المفروض من قبل الأجندة الأممية، وفرض بدلاً من ذلك نسقاً دبلوماسياً جديداً يجعل من مبادرة الحكم الذاتي محوراً لتحالفات دولية واسعة، مستنداً إلى وضوح رؤيته في الدفاع عن وحدته الترابية.