لطالما وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتقادات متواصلة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، متهما إياه بالتقاعس عن خفض أسعار الفائدة، ومطالبا إياه مرارا بالاستقالة. وفي تصريح جديد الثلاثاء الماضي، أشار ترامب إلى أن تجاوز كلفة تجديد المقر التاريخي للمجلس في واشنطن، والتي بلغت 2.5 مليار دولار، قد يرقى إلى «مخالفة» تستوجب الإقالة.
وقال ترامب إن وزير الخزانة سكوت بيسنت يمكن أن يكون مرشحا لخلافة رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي) جيروم باول، لكنه استطرد قائلا إن ذلك قد لا يحدث.
وبعد وصوله إلى قاعدة آندروز المشتركة، الثلاثاء المنصرم، عقب زيارة إلى مدينة بيتسبرغ، سُئل ترامب عما إذا كان بيسنت خياره الأول ليحل محل باول الذي تنتهي ولايته في ماي 2026، ورد على الصحافيين قائلا: «إنه خيار مطروح، وهو جيد جدا.. حسنا، ليس كذلك، لأنني أحب العمل الذي يقوم به، أليس هذا صحيحا؟».
إقالة ممكنة
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أول أمس الأربعاء، إنه لا يخطط حاليا لإقالة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، لكنه لم يستبعد هذا الخيار.
ويأتي تصريح ترامب بعد أشهر من الانتقادات المتصاعدة التي وجهها لرئيس البنك المركزي الأمريكي، ما ساهم في ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل (30 عاما) إلى أكثر من 5 في المئة.
ولدى سؤاله عما إذا كان يفكر في إقالة باول، قال ترامب: «إنه يؤدي عملا سيئا، لكن لا، لست أتحدث عن ذلك الآن». وأضاف: «لا أستبعد شيئا، لكن من المرجح ألا يحدث ذلك».
وأشار ترامب إلى أنه سيكون قادرا على إحداث تغيير في قيادة الاحتياطي الفيدرالي، عند انتهاء ولاية باول، العام المقبل.
وكان ترامب قد وجه انتقادات حادة لباول، متهما إياه بعدم خفض أسعار الفائدة بالسرعة الكافية، وواصفا إياه بـ«الغبي» و«العنيد».
وأضاف ترامب في تصريحات للصحافيين، على مدرج قاعدة أندروز المشتركة في ماريلاند: «آمل أن يستقيل ويجب أن يستقيل، لأن وجوده في منصبه ليس بالأمر الجيد لهذا البلد».
وخلافا لأسلافه، الذين امتنعوا عن إعطاء النصائح للاحتياطي الفيدرالي، وهو هيئة مستقلة، أطلق ترامب انتقادات عدة لباول وحضه مرارا على خفض معدلات الفائدة.
واعتبر ترامب أن قدرات باول «الذهنية متوسطة» و«معدل ذكائه منخفض بالنسبة إلى وظيفته».
ويصر الفيدرالي بقيادة رئيسه جيروم باول على إبقاء الفائدة ضمن نطاق 4,25 في المئة و4,50 في المئة، للمرة الرابعة على التوالي.
وقال باول في جلسة أمام الكونغرس إن الاحتياطي الفيدرالي سيدرس تداعيات التعريفات التي فرضها ترامب، قبل اتخاذ قرار بخفض معدلات الفائدة.
وأضاف أن الهيئة تسعى إلى التأكد من عدم تحول ارتفاع مرحلي للأسعار إلى «مشكلة تضخم».
لكنه لفت إلى أن معدلات الفائدة يمكن أن تخفض إذا ما سجل التضخم تراجعا أكبر من المتوقع، أو في حال تراجعت سوق العمل.
وفي تصريح أدلى به ليل الثلاثاء الماضي، اعتبر ترامب أن خطة تجديد مبنى الاحتياطي الفيدرالي بقيمة 2.5 مليار دولار «قد تُكَلِّفُ باول منصبه».
وردا على سؤال صحفي بشأن ما إذا كان هذا الإنفاق يشكل مخالفة تستدعي الإقالة، قال ترامب: «أعتقد أنها كذلك، نوعا ما».
ونقلت وسائل إعلام أمريكية، أول أمس الأربعاء، أن ترامب تلقى دعما سياسيا من مشرعين جمهوريين لإقالة باول. وأفاد مسؤول في البيت الأبيض لشبكة «سي إن بي سي» بأن «الرئيس أبلغ مجموعة من الجمهوريين بنيته إقالة باول، وقد أبدوا موافقتهم على ذلك»، مضيفا أن ترامب قد يُقدم على هذه الخطوة قريبا.
وتنتهي ولاية باول كرئيس للاحتياطي الفيدرالي في ماي 2026، في حين تستمر عضويته في مجلس حكام البنك لفترة أطول. وقد صرح باول سابقا أنه لا يخطط للتنحي، مشددا على أن استقلالية المصرف المركزي في السياسة النقدية «مكفولة بموجب القانون».
وتلقت الأسواق المالية ضربة إثر هذه التصريحات، حيث انخفض الدولار بنسبة 1 في المئة مقابل اليورو، وارتفعت أسعار الذهب.
كما شهدت المؤشرات الرئيسية في «وول ستريت» تراجعا، على خلفية مخاوف المستثمرين. فقد تراجع مؤشر «داو جونز الصناعي» بنسبة 0.2 في المئة، وهبط مؤشر «ستاندرد آند بورز» بنسبة 0.3 في المئة، فيما خسر «ناسداك» 0.4 في المئة.
التضخم
تراجع مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكيين إلى 2.4 في المئة، في مارس الماضي، على أساس سنوي من 2.85 في الشهر السابق عليه.
وقال الفيدرالي في بيان إن المؤشرات الأخيرة تشير إلى أن النشاط الاقتصادي استمر في التوسع بوتيرة قوية، وقد استقر معدل البطالة عند مستوى منخفض في الأشهر الأخيرة، وظلت ظروف سوق العمل مستقرة، ولا يزال التضخم مرتفعا بعض الشيء.
ويسعى الفيدرالي إلى تحقيق أقصى قدر من التوظيف في سوق العمل ومعدل التضخم عند 2 في المئة على المدى الطويل، وقد ازداد عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية.
وأشار الفيدرالي إلى أنه يولي اهتماما بالغا للمخاطر التي يواجهها، ويرى أن مخاطر ارتفاع البطالة والتضخم قد زادت.
وقال كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، الشهر الماضي، إن الرئيس دونالد ترامب وأعضاء فريقه سيدرسون خيار إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، لكن الرئيس ترامب تراجع عن الأمر إثر اضطرابات في الأسواق مكررا طلبه بخفض كلفة الإقراض، واصفا باول بأنه «السيد متأخر دائما».
وأظهر تقرير دوري صادر عن الاحتياطي الاتحادي، الشهر الماضي، أن الأسعار ترتفع والنشاط الاقتصادي بدأ يتباطأ في أجزاء من البلاد، في ظل سعي الشركات والأسر إلى التكيف مع الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، بهدف إعادة تشكيل التجارة العالمية.
الأسهم الأمريكية ترتفع
محت مؤشرات الأسهم الأمريكية خسائرها وعاودت الارتفاع خلال التعاملات، بعد نفي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقارير عن نيته إقالة رئيس الفيدرالي قريبا.
وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بأكثر من 100 نقطة وبنسبة 0.24 في المئة، وصعد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.15 في المئة. كما ارتفع مؤشر ناسداك الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا بنسبة 0.11 في المئة.
وافتتحت المؤشرات الرئيسية في «وول ستريت» تعاملاتها، أول أمس الأربعاء، على ارتفاع، في ظل تدقيق المستثمرين في بيانات التضخم الأخيرة، وتقييم مجموعة جديدة من نتائج أعمال الشركات الكبرى.
واستقرت أسعار المنتجين في الولايات المتحدة على غير المتوقع في يونيو، بعد زيادة في كلفة السلع، بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، قابلها تراجع في أسعار الخدمات.
وقال مكتب إحصاءات العمل التابع لوزارة العمل الأمريكية، أول أمس الأربعاء، إن القراءة التي لم تتغير في مؤشر أسعار المنتجين، الشهر الماضي، جاءت بعد ارتفاع 0.3 بالمئة في ماي، بعد تعديل البيانات بالزيادة.
وتوقع اقتصاديون في استطلاع لـ«رويترز» ارتفاع مؤشر أسعار المنتجين 0.2 في المئة، بعد صعوده 0.1 بالمئة في ماي.