عندما يشعر الشخص بالرعب من عيوبه الخلقية الوهمية - تيلي ماروك

الرعب - عيوبه خلقية وهمية عندما يشعر الشخص بالرعب من عيوبه الخلقية الوهمية

عندما يشعر الشخص بالرعب من عيوبه الخلقية الوهمية
  • 64x64
    الأخبار
    نشرت في : 14/11/2019

اضطراب التشوه الجسمي هو أحد الأمراض النفسية الشائكة والغريبة في الآن نفسه، لأن المريض المصاب باضطراب التشوه الجسمي أو ما يعرف عالميا بـ«bodydysmorphic disorder»، والذي يسمى، أيضا، «رهاب الإصابة بالتشوه»، أي الخوف الكبير من ظهور العيوب الخلقية أو الجسدية، هو حالة نفسية تتعلق أساسا باهتمام وانشغال الشخص المصاب بالاضطراب بنفسه أو بشكله الخارجي بشكل كبير، والأكثر من هذا أنه يرى عيبا في جسمه وينشغل به ويحاول بشتى الطرق إخفاءه عن الآخرين، ويعتبر أن هذا العيب قد يسبب له الخجل ويسيء إليه أمام الآخرين. في الواقع إن هذا العيب الموجود في جسم الشخص قد يكون أمرا بسيطا للغاية وقد لا يوجد على الإطلاق، ولكنه، بالرغم من ذلك، يهتم به وينشغل به لدرجة كبيرة لا يستطيع معها التفكير في شيء آخر غيره.
القلق الذي يلاحق المريض باضطراب التشوه الجسمي يعتبر غير طبيعي، لأن المريض يفرط في التفكير في هذا العيب الذي يراه كبيرا جدا ويشوه صورته أمام الآخرين، ناهيك عن أن المرضى بها الاضطراب يقضون ساعات طويلة في التفكير في هذا العيب وفي كيفية إخفائه، ومن أجل إخفاء هذا العيب يلجأ الكثيرون منهم للخضوع لعمليات تجميل عديدة، حتى وإن لم يكونوا في حاجة إليها، والأكثر من هذا أن كل النتائج التي يحصلون عليها لا ترضيهم أبدا.
فأن يهتم الإنسان بمظهره وشكله ويرغب في أن يبدو في أبهى صورة، أمر طبيعي جدا وليس سيئا، لكن الأمر غير الطبيعي في هذا الاضطراب هو أن المصابين يهتمون بشكل كبير بمظهرهم وبالأخص بنقطة واحدة يعتبرونها مسيئة جدا لمظهرهم، فضلا عن أن تركيزهم الكبير على عناصر مظهرهم يسبب لهم الخلل أو الضيق، ويؤثر بشكل كبير على حياتهم، إذ يعمل هؤلاء المضطربون على تجنب اللقاءات والاجتماعات تفاديا للاختلاط مع العديد من الناس حتى لا يشعروا بالضيق أو الإحراج، وهؤلاء المرضى يخافون من ملاحظة الآخرين لهذا العيب والتعليق عليه أو السخرية منه.
أعراض المرض
هناك مجموعة من الأعراض التي تظهر على مرضى اضطراب التشوه الجسمي، حيث يبدأ الشخص بالانغماس بشكل كبير في تلك النقطة التي يرى أنها عيب كبير وتؤثر على حياته وعلى حالته النفسية، ويعتبرها عيبا يشوه وجهه أو جسده. ويبدأ هذا المريض بتلقي علاجات طبيعية تجميلية لغرض إخفاء هذا العيب، بل أكثر من هذا قد يخضع المريض للعديد من عمليات التجميل من أجل التخلص من هذا العيب، لكنه، بالرغم من ذلك، لا يشعر بأنه استطاع التخلص منه ولا يرضى أبدا بالنتيجة. ومن مظاهر الاضطراب، أيضا، الإفراط في العناية بالنفس، إذ يفرط المريض في الاعتناء بنفسه، ويرفض التقاط الصور بشكل كبير، وعدم لقاء الآخرين ويتجنبهم قدر الإمكان. وتظهر على المضطرب، أيضا، كثرة استعماله لمساحيق التجميل من أجل إخفاء هذه العيوب التي قد تكون وهمية ولا وجود لها بالأساس.
أسباب الإصابة بالاضطراب
هذا الاضطراب في الواقع ليست له أسباب محددة أدت إلى ظهوره عند البعض أكثر من الآخرين، غير أن الباحثين المهتمين بدراسة هذا الاضطراب، يرون أن ظهور العديد من الاضطرابات النفسية لا يأتي بمحض الصدفة، بل يرجع أساسا للعديد من العوامل، منها العوامل الكيماوية والحيوية، بحيث تؤكد العديد من الدراسات أن النواقل العصبية تلعب دورا كبيرا في الإصابة بهذا الاضطراب، كونها ترتبط بشكل كبير بالحالة المزاجية للفرد، ليس هذا فحسب، فـ«السيروتونين»، وهو أحد النواقل العصبية، يلعب دورا كبيرا في الإصابة بهذا الاضطراب.
العوامل الوراثية، بدورها، تلعب دورا كبيرا في الإصابة بهذا الاضطراب، إذ إن بعض الدراسات أكدت أن الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب هم في الواقع أشخاص ينتمون لعائلة سبق وأن أصيب أحد أفرادها بالاضطراب نفسه. هذا بالإضافة إلى العامل البيئي، إذ إن البيئة والمجتمع الذي كبر فيه الشخص، وكذلك التجارب الشخصية للإنسان تساهم بشكل كبير في الإصابة بهذا الاضطراب، خصوصا إذا عايش المريض حالات في الماضي تتجسد حول علاقته السلبية مع ذاته أو عانى في الماضي من فقدان الثقة بالنفس.
وتجب الإشارة إلى كون الأشخاص الذين مروا من مراهقة صعبة، كانوا يتعرضون، خلالها، بشكل كبير للسخرية من قبل زملائهم، أو كانوا يتعرضون، في الكثير من الأحيان، لضغوطات نفسية معينة، يمكن أن تساهم بدورها، وبشكل كبير، في الإصابة بهذا الاضطراب. ففي ما يتعلق بمرحلة المراهقة، فإن العديد من المراهقين يتعرضون للسخرية بسبب شكلهم الخارجي، ما يشكل لهم عقدة نقص، ودائما ما ينظرون إلى أجسادهم على أنها قبيحة وأنهم يعانون من العديد من العيوب الخلقية.
عندما يجد الشخص نفسه في مجتمع يهتم بصورة كبيرة بالجمال الخارجي، ويرى أنه يفقد بنسب كبيرة معايير الجمال المتعارف عليها في مجتمعه، فإنه عادة ما يفقد الثقة في نفسه ويبدأ في البحث عن عيوبه الكثيرة التي تجعله يبدو قبيحا في أعين الآخرين. وهنا نستنتج أن البيئة التي يعيش فيها الإنسان تلعب دورا كبيرا في حكمه على نفسه بأنه شخص غير محبوب أو غير جميل على الإطلاق، بالإضافة إلى وجود نقص كبير في احترام الذات لدى هؤلاء الأشخاص.
مضاعفات المرض
هناك مجموعة من المضاعفات التي تصيب الأشخاص المصابين بهذا النوع من الاضطراب، والتي تظهر عند الإصابة به، وقد تصل حد التفكير في الانتحار، وتتطور لديهم السلوكيات الانتحارية، ويصابون بالاكتئاب وتظهر لديهم اضطرابات مزاجية عديدة، ويصابون، كذلك، باضطرابات القلق والوسواس القهري، واضطرابات الطعام وغيرها، بالإضافة إلى أنهم يبدؤون في القيام بزيارات كثيرة ومتكررة للعيادة الطبية الخاصة بالتجميل دون وجود أي مبرر وأي حاجة لذلك. كما ينقص عند هؤلاء الأشخاص احترامهم لذواتهم وينعزلون اجتماعيا عن محيطهم، بل ويفقدون كل صداقاتهم الحميمة ومعها الرغبة في الذهاب إلى المدرسة أو العمل.

سبل وآليات العلاج
من أجل الوصول إلى نتائج فعالة في علاج الاضطراب، من المهم جدا أن يشارك المريض في عملية العلاج، لأن مشاركته ورغبته في ذلك تزيد من نجاح العلاج.
ومن أجل الحصول على نتائج فعالة، من المهم جدا الخضوع للعلاج النفسي والعلاج الدوائي، لأنهما أفضل طرق العلاج وإغفال أي منهما قد لا يعطي نتائج مرضية.
من مميزات العلاج النفسي بالنسبة للمريض، أنه يعرفه على حالته المرضية ويعرفه أيضا على أفكاره وسلوكياته. وعندما يتعرف المريض على حالته، فإنه يصبح قادرا على وقف الأفكار السلبية التي تصيبه، ويصبح قادرا على رؤية نفسه بصورة أكثر واقعية. إلى جانب أن المعالجة النفسية التي يخضع لها المريض، تساعده على السيطرة على الرغبات التي تعتريه، على غرار النظر للمرآة بشكل مفرط أو العبث في عيوب وجهه.
وفي ما يخص الأدوية، فليس هناك علاج دوائي يشفي المرض بشكل مباشر، لكن يتم استخدام عقاقير خاصة بعلاج المشاكل النفسية الأخرى، من قبيل الاكتئاب مثلا. لأن أدوية الاكتئاب تعتبر أكثر الأدوية المستخدمة في علاج هذا المرض ويتم استخدامها بجرعات أكبر.
وللحصول على أفضل النتائج، ينصح المرضى بالالتزام بحضور الجلسات العلاجية، مع الالتزام بإرشادات الطبيب وعدم التوقف عن أخذ الدواء دون استشارة الطبيب، حتى وإن شعر المريض بالتحسن، لأن التوقف المفاجئ عن تناول الدواء قد يؤدي إلى انتكاسة.
 


إقرأ أيضا