زهران ممداني
من يكون زهران ممداني أول مسلم يتولى منصب عمدة نيويورك ؟
Télé Maroc
نشرت في :
05/11/2025
فاز المرشح الديمقراطي زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك، كما فازت مرشحتان ديمقراطيتان بمنصب الحاكم في ولايتي فرجينيا ونيوجيرسي، مما يعطي الحزب الديمقراطي زخما كبيرا، مع تطلعه إلى انتخابات التجديد النصفي للكونغرس العام المقبل.
وأعلن ممداني فوزه في خطاب النصر الذي ألقاه أمام مناصريه، وقال إنه في مطلع يناير سيؤدي القسم رسميا عمدة لنيويورك.وخاطب جمهوره، وسط تصفيق حار، قائلا: «لقد منحتموني تفويضا من أجل التغيير ومن أجل سياسة جديدة»، مؤكدا العمل على تحسين أوضاع مدينة نيويورك عما كانت عليه.
وشكر ممداني في خطابه كل العمال من مختلف الجنسيات والعرقيات في مدينة نيويورك.
ووفقا لاستطلاع آراء الناخبين، عقب إغلاق صناديق الاقتراع، فقد تصدر ممداني (34 عاما)، مرشح الحزب الديمقراطي، السباق متفوقا على المرشح الجمهوري كورتيس سليوا، والمرشح المستقل والحاكم السابق لولاية نيويورك، أندرو كومو.وبذلك سيكون ممداني - وهو ديمقراطي اشتراكي- أول عمدة مسلم لأكبر مدينة في الولايات المتحدة، في الأول من يناير المقبل.
وأظهرت التقديرات الأولية أن المرشح الديمقراطي لمنصب عمدة نيويورك حصل على 50.4 في المائة من الأصوات، مقابل 41.3 في المائة لمنافسه الجمهوري، متقدما بفارق أكثر من 100 ألف صوت.
وكان ممداني دائما هدفا للهجمات، بسبب مواقفه من سياسات الحكومة الإسرائيلية والحرب في غزة، لكنه لم يتراجع عنها.
وقال موقع «بلومبيرغ» إن انتخابات عمدة مدينة نيويورك شهدت أعلى نسبة إقبال منذ عقود.
التحدي مع ترامب
في خطاب النصر، هاجم ممداني أثرياء المدينة، وقال: «معا، سندخل جيلا جديدا في الحكم، وإذا اعتنقنا هذا المسار الجديد الشجاع، بدلا من الهرب منه، يمكننا الرد على الأوليغارشية والاستبداد بالقوة التي تخشاها، وليس الاسترضاء الذي تتوق إليه».
وفتح ممداني النار أيضا على الرئيس دونالد ترامب، ووضع نفسه في مواجهة مباشرة معه، وقال: «هذه ليست فقط الطريقة التي نوقف بها ترامب، بل هي الطريقة التي نوقف بها (ترامب التالي)»، مضيفا: «دونالد ترامب، بما أنني أعلم أنك تشاهدني الآن، لدي 4 كلمات لك: ارفع مستوى الصوت».
ورد ترامب في تغريدة على منصة «تروث سوشيال»، فور انتهاء الخطاب وقال: «فليبدأ التحدي إذن».
وذكرت وسائل إعلام أمريكية أن المرشحة الديمقراطية، ميكي شيريل، فازت بانتخابات حاكم ولاية نيوجيرسي. وبحسب النتائج الأولية، فقد حصلت شيريل على 56 في المائة، مقابل 43 في المائة لمنافسها الجمهوري جاك شيتاريلي. كما فازت المرشحة الديمقراطية، أبيغيل سبانبرغر، بمنصب حاكم ولاية فرجينيا.
وتفوقت سبانبرغر (46 عاما)، وهي عضوة سابقة في الكونغرس وضابطة سابقة في وكالة المخابرات المركزية، على منافستها الجمهورية وينسوم إيرل- سيرز بسهولة، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ الولاية.
وحصلت سبانبرغر على 56.9 في المائة من الأصوات، بينما حصلت المرشحة الجمهورية وينسوم إيرل- سيرز على 42.9 في المائة.
ويشكل فوزها بالمنصب محطة سياسية لافتة، تحمل رسائل تتجاوز حدود الولاية التي كانت تحت حكم الحزب الجمهوري. فالانتصار في فرجينيا، وهي من الولايات التي تتجه إليها الأنظار لقراءة مؤشرات مبكرة لاتجاهات التصويت الوطنية، يعزز موقع الحزب الديمقراطي ويمنحه دفعة معنوية مهمة مع اقتراب الانتخابات النصفية المقبلة.
كما يعتبر فوز سبانبرغر في الولاية المحورية انتصارا لتيار الديمقراطيين المعتدلين، في وقت يسعى فيه الحزب إلى تحديد مساره السياسي مع اقتراب انتخابات الكونغرس، العام المقبل.
ترامب يقنع نفسه بالخسارة
تبدو خسارة الجمهوريين في الانتخابات، التي جرت، أول أمس الثلاثاء، في نيويورك وفرجينيا ونيوجيرسي، اختبارا مهما للرئيس دونالد ترامب وحزبه، مع اقتراب الانتخابات النصفية للكونغرس المقرر إجراؤها العام المقبل، كما أنها تشكل في الوقت نفسه اختبارا لقدرة الحزب الديمقراطي على تجاوز الانقسامات الداخلية.
وفي أول رد فعل له، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب -عبر منصة «تروث سوشيال»- إن عدم وجود اسمه على ورقة الاقتراع والإغلاق الحكومي كانا سبب خسارة الجمهوريين للانتخابات.
وفي ردود الفعل الأخرى، نقلت شبكة «إن بي سي» عن زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، أن نتائج الانتخابات تمثل رفضا قاطعا لأجندة ترامب.وقال شومر إن الشعب الأمريكي رفض القسوة والفوضى والجشع التي تُميّز تطرف حركة «لنجعل أمريكا عظيمة مجددا»، وفق تعبيره.
من جهته، قال السيناتور بيرني ساندرز إن زهران ممداني بفوزه في انتخابات عمدة نيويورك حقق إحدى أكبر المفاجآت السياسية في التاريخ الأمريكي الحديث.
من أوغندا إلى كوينز
وُلد ممداني في العاصمة الأوغندية كامبالا، وانتقل مع عائلته إلى نيويورك عندما كان في السابعة من عمره. والتحق بمدرسة برونكس الثانوية للعلوم، ثم حصل لاحقا على شهادة في الدراسات الإفريقية من كلية بودوين، إذ شارك في تأسيس فرع «طلاب من أجل العدالة في فلسطين» داخل الحرم الجامعي.
وقد يصبح السياسي التقدمي، الذي ينتمي إلى جيل الألفية، أول عمدة مسلم ومن أصول جنوب آسيوية في المدينة، ولم يتردد في إعلان جذوره وسط هذا التنوع السكاني. فقد نشر أحد فيديوهات حملته بالكامل باللغة الأردية، متضمنا لقطات من أفلام بوليوودية، وفي فيديو آخر تحدث بالإسبانية.
وتعرّف ممداني على زوجته راما دواجي، وهي فنانة سورية تبلغ من العمر 27 عاما تعيش في بروكلين، عبر تطبيق المواعدة «هينج ـ Hinge».
والدته ميرا ناير، مخرجة سينمائية مرموقة، ووالده الأكاديمي محمود ممداني الذي يُدرس في جامعة كولومبيا. وكلا والديه من خريجي جامعة هارفارد.
ويقدم ممداني نفسه كمرشح الشعب وسياسي جماهيري. وذكرت مستندات في ملفه التعريفي بالجمعية التشريعية: «ومع تقلبات الحياة وتفرعاتها بين السينما والراب والكتابة، ظل العمل التنظيمي دائما هو ما يمنعه من الوقوع فريسة لليأس، ويدفعه بدلا من ذلك إلى الفعل والمبادرة».
وقبل دخوله معترك السياسة، عمل مستشارا في قطاع الإسكان، إذ ساعد مالكي المنازل من ذوي الدخل المحدود في منطقة كوينز على مواجهة خطر الإخلاء. وجعل من عقيدته كمسلم جزءا واضحا من حملته الانتخابية، إذ اعتاد زيارة المساجد بانتظام، كما نشر مقطعا دعائيا باللغة الأردية يتناول أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة في المدينة.وقال في تجمع جماهيري، الربيع الماضي: «ندرك أن الظهور علنا كمسلمين يعني أيضا التضحية بالأمان، الذي نتمتع به ونحن في الخفاء».
وقال جاغبريت سينغ، المدير السياسي لمنظمة العدالة الاجتماعية «درام»، في تصريح لـ«بي بي سي»: «لا يوجد حاليا أي مرشح لمنصب العمدة يجسد مجمل القضايا التي تهمني بحق سوى زهران».
تحسين تكلفة المعيشة
قال ممداني إن الناخبين في المدينة الأمريكية الأعلى من حيث تكلفة المعيشة، يريدون من الديمقراطيين أن يركزوا جهودهم على تحسين القدرة على تحمل تكاليف المعيشة.
وأضاف في تصريحات: «هذه مدينة يعاني حوالي ربع سكانها من الفقر، وهناك نحو 500 ألف طفل ينامون جائعين كل ليلة. وفي نهاية المطاف، تبقى المدينة مهددة بخسارة ما يجعلها متفردة ومميزة». واقترح ما يلي:
ـ خدمة مجانية للتنقل بالحافلات بين جميع أنحاء المدينة.
ـ تجميد الإيجارات وتشديد المساءلة على المالكين المقصرين.
ـ إنشاء سلسلة من متاجر البقالة المملوكة للمدينة تركز على توفير أسعار في متناول المستهلك.
ـ رعاية شاملة ومجانية للأطفال من عمر ستة أسابيع حتى خمسة أعوام.
ـ مضاعفة إنتاج المساكن مستقرة الإيجار والمبنية بأيدٍ نقابية - ثلاث مرات.
وتشمل خطة ممداني أيضا إعادة هيكلة مكتب العمدة، لضمان محاسبة مالكي العقارات، إلى جانب توسيع نطاق الإسكان الدائم بتكلفة في متناول المستهلك.
وفي حملته الانتخابية، ربط ممداني الترويج لهذه السياسات ببعض الممارسات العملية التي انجذب إليها الكثيرون وانتشرت على نطاق واسع، من بينها أنه غطس في مياه المحيط الأطلسي في إشارة إلى مطلب تجميد الإيجارات، كما تناول وجبة بوريتو كإفطار في أحد أيام رمضان على متن قطار الأنفاق، ليسلط الضوء على غياب الأمن الغذائي. وقبل أيام من الانتخابات التمهيدية، سار على امتداد جزيرة مانهاتن، متوقفا لالتقاط صور (سيلفي)، أو شخصية مع الناخبين.
ورغم إصراره على أن بإمكانه جعل المدينة أكثر قدرة على تحمل تكاليف، إلا أن منتقديه يشككون في هذه الوعود الطموحة.
ولم تعلن صحيفة «نيويورك تايمز» دعمها لأي مرشح في الانتخابات التمهيدية لمنصب عمدة المدينة، ووجهت انتقادات عامة إلى جميع المرشحين. وقالت هيئة تحرير الصحيفة إن أجندة ممداني «لا تتماشى بالشكل الملائم مع تحديات المدينة»، و«تتجاهل في كثير من الأحيان التنازلات الحتمية التي تفرضها مسؤوليات الحكم».
ويحاول كومو، الذي ينافس على ترشيح الحزب الديمقراطي، وآخرون تصوير ممداني على أنه يفتقر إلى الخبرة، وأنه «مُتطرف» إلى حدٍ لا يتناسب مع مدينة تبلغ ميزانيتها 115 مليار دولار ويعمل في قطاعها العام أكثر من 300 ألف موظف.
مدعوما من كبار الممولين وتزكيات شخصيات وسطية من بينها بيل كلينتون، شدد كومو على أهمية الخبرة قائلا: «الخبرة، والكفاءة، والمعرفة بكيفية أداء المهمة، ومعرفة كيفية التعامل مع ترامب، ومع واشنطن، ومع الهيئة التشريعية في الولاية - هذه كلها أساسيات. أنا أؤمن بالتعلم أثناء أداء العمل، ولكن ليس عندما يتعلق الأمر بمنصب عمدة نيويورك».
لكن تريب يانغ، محلل استراتيجي سياسي، يرى أن «الخبرة» لم تعد بالضرورة عنصرا حاسما في هذا العصر السياسي. وبقطع النظر عن فوز ممداني من عدمه، يعتقد يانغ أن حملته حققت المستحيل.
وقال يانغ: «زهران يستمد قوته من عشرات الآلاف من المتطوعين، ومئات الآلاف من المتبرعين الفريدين. ومن النادر أن نرى حملة لانتخابات تمهيدية محلية في نيويورك بهذا القدر من الحماسة الشعبية والعمل الجماهيري».
وقال لوكماني راي، أحد مؤيدي ممداني: «هو يفهمنا، وينتمي إلينا، هو واحد منا... من مجتمعنا، مجتمع المهاجرين، كما تعرف».
إسرائيل والأراضي الفلسطينية
أثناء مؤتمر انتخابي عقدته حملة ممداني، في الفترة الأخيرة، في إحدى حدائق جاكسون هايتس - وهي من أكثر المجتمعات تنوعا في البلاد - كان الأطفال يركضون ويلعبون على الأراجيح، بينما كان باعة طعام من أصول لاتينية يبيعون المثلجات والوجبات الخفيفة.
جسّد هذا المشهد تنوع المدينة بشكل مثالي بعدة طرق - وهو ما يعتبره كثير من الديمقراطيين أعظم ما يميز نيويورك. لكن المدينة لا تخلو من توترات عرقية وسياسية. وقد صرح ممداني بأنه يتلقى تهديدات معادية للإسلام بصفة يومية، بعضها يستهدف عائلته. ووفقا للشرطة، يجري حاليا تحقيق في جرائم كراهية على خلفية هذه التهديدات.
وقال المرشح لمنصب عمدة نيويورك ل«بي بي سي» إن العنصرية تُجسد ما هو مختل في السياسة الأمريكية، موجها انتقادات إلى الحزب الديمقراطي، «الذي سمح بإعادة انتخاب دونالد ترامب»، و«فشل في الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة بغض النظر عن هويتهم أو أصولهم».
كما يُرجّح أن مواقف المرشحين من الحرب على غزة كانت حاضرة في أذهان الناخبين.
يتجاوز دعم ممداني القوي للفلسطينيين وانتقاده اللاذع لإسرائيل معظم المؤسسات الديمقراطية؛ فقد قدم عضو المجلس التشريعي مشروع قانون لإنهاء الإعفاء الضريبي للجمعيات الخيرية في نيويورك المرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية، التي تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وصرح بأنه «يعتقد أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، وأنها دولة فصل عنصري، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجب أن يُعتقل». من جانبها، ترفض إسرائيل بشدة هذه الاتهامات بالإبادة الجماعية والفصل العنصري.
وتعرض ممداني لضغوط إعلامية في أكثر من مناسبة، خلال مقابلات صحفية، ليكشف ما إذا كان يؤيد حق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية. وفي تصريحات أدلى بها الشهر الجاري، قال: «لا أرتاح لفكرة دعم أي دولة تُقيّم مواطنيها بناء على الدين، أو أي معيار تمييزي آخر. وأؤمن بأن المساواة، كما هي مكفولة في هذا البلد، يجب أن تكون مبدأً أساسيا في كل دولة حول العالم.. هذه قناعتي».
من جهتها، تؤكد إسرائيل أن جميع المواطنين من مختلف الأديان يتمتعون بحقوق متساوية بموجب القانون.
وقال ممداني أيضا إنه يعترف بحق إسرائيل في الوجود كدولة، موضحا في مقابلة مع برنامج «ذا ليت شو»، الاثنين الماضي: «كما هو حال جميع الدول، أؤمن بأن لها حق الوجود، وبأن عليها أيضا مسؤولية احترام القانون الدولي».
وأضاف أنه لا مكان لمعاداة السامية في مدينة نيويورك، مشيرا إلى أنه حال انتخابه، سيعمل على زيادة التمويل المخصص لمكافحة جرائم الكراهية. وفي المقابل، وصف كومو نفسه بأنه «مؤيد بشدة لإسرائيل ويفتخر بذلك».
وفي كثير من الجوانب، تعكس القضايا التي يواجهها الديمقراطيون في نيويورك التحديات ذاتها التي سيواجهها الحزب في الانتخابات المقبلة. ومن المرجح أن تخضع الانتخابات التمهيدية لتحليل على نطاق وطني أوسع لاحقا، باعتبارها مؤشرا على توجهات الحزب وكيفية تعامله مع ترامب في المستقبل