كتاب مستشار ترامب السابق يكشف فضائح الرئيس والقضاء الأمريكي يسمح بنشره - تيلي ماروك

كتاب - مستشار ترامب - فضائح الرئيس - القضاء الأمريكي كتاب مستشار ترامب السابق يكشف فضائح الرئيس والقضاء الأمريكي يسمح بنشره

كتاب مستشار ترامب السابق يكشف فضائح الرئيس والقضاء الأمريكي يسمح بنشره
  • 64x64
    تيلي ماروك
    نشرت في : 28/06/2020

حلفاء سخروا من دونالد ترامب. ورؤساء لم يصدقوا فعلا أنه رئيس للولايات المتحدة الأمريكية. مستشاره للأمن القومي جون بولتون أصدر مؤخرا كتابا أثار جدلا كبيرا في الولايات المتحدة. فشل ترامب في محاولة منع صدور الكتاب في أمريكا والعالم، إلا أن القضاء الأمريكي قرر السماح بنشر الكتاب، رغم أن ترامب وأنصاره اعتبروا الكتاب تعرية لأسرار الدولة، بينما يتعلق الأمر، حسب المدافعين عن الكتاب، تعرية لترامب نفسه، وكشفا للأمريكيين عن مزاجية ترامب وجهله بكثير من المواضيع وآرائه الصادمة في عدد من القضايا.. جون بولتون هو رجل الساعة في أمريكا، وكتابه «الغرفة التي شهدت الأحداث» مرشح بقوة لكي يكون حدث السنوات العشر الأخيرة في أمريكا، وربما العالم..

أخيرا، رفض القضاء الأمريكي طلب منع نشر كتاب جون بولتون، ليكون الأخير قد انتصر على الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في أكثر الجولات أهمية من «سوء الفهم الكبير» بينهما.

جون بولتون، الرجل الهادئ الذي كان يظهر دائما بخطوة خلف ترامب، أو جالسين معا في كراسي الطائرة الرئاسية أثناء معالجة ملفات الأمن القومي وأسرار الدولة الأمريكية، يوجد اليوم تحت الأضواء ليس في أمريكا وإنما تلاحقه كبريات الصحف العالمية، خصوصا مع تسرب النسخة الكاملة لكتابه وتوفرها بالمجان على الأنترنت.

تقول بعض المنابر الأمريكية إن الكتاب جرى تسريبه بصورة لم يخطط لها المستشار الأمريكي ولا دور النشر الأمريكية، بينما تؤكد أخرى أن الأمر كان متعمدا، إذ أن الغرض من نشر الكتاب لم يكن ربحيا بالنسبة للمستشار الأمريكي، وإنما فضح ترامب والتأثير عليه، خصوصا مع مساع الأخير إلى تعديل الدستور الأمريكي والسماح له بالترشح للرئاسيات مرة أخرى. ماذا وقع إذن؟

تهمة إفشاء أسرار الدولة

قبل أن نخوض في أبرز مضامين الكتاب، تجب الإشارة أولا إلى أن البيت الأبيض هذه الأيام، يواجه كشفا كبيرا لمضامين الاجتماعات في مكتب الرئاسة وعلاقة الرئيس الأمريكي الحالي بمستشاريه. إذ أن العادة جرت أن تُنشر كتب عن رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية بعد مغادرتهم للبيت الأبيض، خصوصا منها الكتب الأكثر إحراجا أو نقدا لتصرفات الرئيس وقراراته وعلاقاته مع رؤساء الدول الأخرى. لكن الحال هذه المرة تغير، إذ بمجرد مغادرة المستشار السابق للأمن القومي جون بولتون، لمنصبه بعد أن فاحت رائحة كريهة لخلافات بينه وبين الرئيس الأمريكي ترامب، حتى بدأت الصحافة تسرب معلومات عن عزم الرجل كتابة كواليس الاجتماعات السرية لقلب الطاولة على الرئيس. لكن توقعات كثيرة ذهبت في اتجاه اعتبار الأمر مجرد إشاعات إلى أن صدر قبل أسبوعين خبر يؤكد وصول الكتاب مرحلة التدقيق في المعلومات قبل نشره. وحده القاضي الأمريكي رويس لامبرث له فضل وصول الكتاب إلى القراء، وتسربه بشكل مجاني على الأنترنت حول العالم. إذ أن آخر أمل لأنصار ترامب، كان هو منع نشر الكتاب قانونيا. لكن يبدو أن المستشار السابق للأمن القومي انتصر على مديره السابق.

فضيحة الانتخابات

نُشرت تحقيقات مطولة في الصحافة الأمريكية، على امتداد السنوات الماضية للتمحيص في تهمة التدخل الروسي في وصول ترامب إلى الرئاسة لأول مرة. لكن تم تكذيبها رسميا. لكن مع بولتون، فإن تهمة لجوء الرئيس الأمريكي ترامب للصين لإعادة انتخابه للرئاسة، حقيقة ساطعة. جاء في الكتاب أن ترامب خلال الاجتماع طلب بشكل مباشر من الرئيس الصيني «شي جين بينغ» أن يساعده لكي يُعاد انتخابه. ولم يكتف بولتون بهذا الأمر، وإنما نشر مضامين اللقاء كاملا بين الرئيسين. وقال المستشار السابق للأمن القومي إن ترامب كان وقحا جدا خلال اللقاء وخرج عن جدول الأعمال وشرع يتحدث عن رغبته في الفوز مجددا بالانتخابات والبقاء رئيسا للأمريكيين لولاية أخرى، ولمّح إلى القدرات المذهلة للاقتصاد الصيني، قبل أن يصعق الرئيس الصيني بالقول بشكل مباشر إنه يرغب في مساعدته لكي يفوز بهذه الانتخابات.

ولكي نفهم هذا الأمر أكثر، فإن المشرفين على القطاع الزراعي كانوا حاسمين في تأهل ترامب خلال الانتخابات السابقة. وكانت الزراعة من أولويات برنامجه الانتخابي. وهكذا كان الاجتماع بالرئيس الصيني فرصة لكي يجره ترامب للحديث عن العلاقات التجارية، خصوصا وأن المشتريات الصينية من المنتجات الزراعية الأمريكية كانت مرتفعة، ودعاه إلى الزيادة من نسبتها في المستقبل.

أصدقاء ترامب الفاسدون

انتقد المستشار «بولتون» في كتابه الديموقراطيين الأمريكيين، لأنهم لم يدعوا إلى عزل ترامب رغم التهم الكثيرة التي تحوم حوله بخصوص بناء معتقلات ودعم أنظمة دكتاتورية معادية تماما لحقوق الإنسان. سوف نعود إلى موضوع المعتقلات، لأن بولتون خصص لها حيزا مهما في كتابه.

سياسة ترامب حسب الكتاب، كانت دائما ترمي إلى غض الطرف عن ممارسات رؤساء دول رغم صدور تقارير لمنظمات عالمية خصوصا منها النشيطة في مجال حقوق الإنسان والتي أكدت تورطهم في عمليات خارج حدود سلطتهم. اتُهم ترامب مباشرة بـ«محاباة الديكتاتوريين الذين يحبهم».

بناء معسكرات الاعتقال

بدا واضحا أن ترامب يناقض نفسه. فقد أصدر قرارا قبل أسبوع بخصوص العقوبات التي دعا إليها مراقبون ضد الصين على خلفية ممارسات ضد أقلية «الإيغور» المسلمة. حسب بولتون فإن ترامب علم بشكل مسبق بنية الصين بناء مراكز اعتقال بشكل سري، لكنه لم يتخذ أي خطوة في هذا الصدد، بل اتهمه بالترحيب بتلك الإجراءات. نقل بولتون ما أورده المترجم الذي كان يعمل لصالح الجانب الأمريكي، وقال إن ترامب أخبر الصينيين بأنهم يقومون بعمل صائب وهم يبنون تلك المعتقلات.

طموح«مرضي»

كان بولتون يتجه في هذا الكتاب إلى وصف ترامب بالرجل المريض المهزوز، لكنه لم يعبر عن الأمر بالعاطفة، وحاول تغليفه بمجموعة من الوقائع. في الفصل ما قبل الأخير، تحدث المستشار السابق للأمن القومي عن مزاجية الرئيس وكرهه الكبير للصحافة وسرعة انفعاله.

يقول بولتون أيضا إن مستشاري ترامب في مجال الإعلام حاولوا تنبيهه بلباقة أكثر من مرة إلى عدم اعتبار الصحافة عدوا له، وضرورة التعامل مع ممثلي الصحف والقنوات التي تأتي إلى ندوات البيت الأبيض بما يليق بمكانة الإعلام خصوصا وأنه يؤثر كثيرا على شعبيته لدى الأمريكيين. لكن ترامب لم يستجب لتلك النصائح بل وتمادى في انتقاد الإعلاميين واتهمهم بالكذب على المباشر ليخلق أكبر عداوة في تاريخ البيت الأبيض بين رئيس وصحافة البلاد.

أثناء اللقاء مع الرئيس الصيني، يقول بولتون، إن ترامب هز رأسه موافقا عندما قال الرئيس الصيني إن الأمريكيين يشهدون جولات كثيرة للانتخابات وأنه ينبغي إطالة بقاء الرئيس وقال أيضا ما معناه إنه يريد أن يرى ترامب رئيسا فترة أخرى، وهز الأخير رأسه موافقا ليعرب في مناسبات أخرى عن نيته البقاء أكثر من ولايتين، اللتين يضمنهما المشرع الأمريكي. واتضح أن بولتون كان صادقا، عندما دعا ترامب مؤخرا بشكل صريح إلى تعديل دستوري يمنح له الحق في الترشح مرات أخرى، وأصبح مؤخرا يدافع عن الأمر علنا بعد أن كان يهز رأسه موافقا باحتشام على المقترح.

كوارث دبلوماسية

سبق للرئيس ترامب أن وقع ضحية جهل بمعلومات عن الدول الكبرى العالمية التي زارها في إطار دبلوماسي. يقول مستشار الأمن القومي الأسبق في كتابه إن الرئيس ترامب لم يكن يعرف أن بريطانيا قوة نووية. واعتبر الأمر فضيحة مدوية. إذ أن بريطانيا من أوائل الدول التي امتلكت قوة نووية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والجهل بهذه المعلومة لا يمكن أن يكون إلا فضيحة، فما بالك إن كانت صادرة عن الرئيس الأمريكي. يقول بولتون في كتابه ناقلا كواليس لقاء ترامب مع رئيسة الحكومة البريطانية السابقة تيريزا ماي، إن الرئيس الأمريكي كان يتحدث مع «ماي» بكثير من الترفع المبالغ فيه. وأورد أيضا أن ترامب كان يشرد في بعض اللقاءات المهمة أو يقفز على المواضيع بشكل مستفز، خصوصا إذا كانت حول تفاصيل دقيقة لملف يتدارسه الجانبان. واعتاد بولتون في منصبه أن يقفز ترامب ويخرج عن الموضوع كلما تعلق الأمر بتفاصيل دقيقة في نقاش مع رؤساء. بالرجوع إلى معلومة اعتبار بريطانيا قوة نووية، يقول بولتون إن ترامب كان يتحدث مع السيدة «ماي» وذكرت معلومة تتعلق بالأسلحة النووية، قبل أن يعلق ترامب: «آه، أنتم قوة نووية؟» وكانت نبرته كما وصفها مستشاره السابق في الأمن القومي تفضح أنه لم يكن يعرف أبدا أن بريطانيا لديها نشاط نووي.

ضعف معلومات الرئيس الأمريكي اتضح مرة أخرى كان خلالها بولتون حاضرا، ليكتشف أن ترامب كان لديه جهل كبير بالجغرافيا، ويُحرج الوفد الأمريكي في زيارات بالخارج، أو استقبالات لضيوف البيت الأبيض. إذ وقع مرة في هذا المشكل مع الرئيس الروسي بوتين، عندما التقاه في العاصمة الفنلندية «هلسينكي» عندما سأله بصراحة ما إن كانت فنلندا تابعة «بشكل ما» لروسيا.

ترامب أساء لدول وحضارات

أقوى ما جاء به كتاب المستشار السابق السيد بولتون، هو مضامين اللقاءات المغلقة التي عقدها ترامب مع شخصيات أجنبية وممثلي الحكومات والرؤساء. إذ أن ترامب كان يعبر في مناسبات كثيرة عن أفكار وأمنيات، لا يمكن اعتبارها إلا فضائح. إذ إنه أعرب مرات كثيرة عن رغبته الانسحاب من حلف النيتو. وأعرب مرة أخرى عن رأيه في فنزويلا عندما قال، والعهدة هنا على بولتون، إن غزوها سوف يكون «أمرا جميلا». حيث اعتبر أن فنزويلا في الحقيقة جزء من الولايات المتحدة الأمريكية.

والمعروف أن فنزويلا كانت دائما من مصادر انزعاج ترامب، بحكم موقف رئيسها من السياسات الأمريكية.


إقرأ أيضا