سلم المغرب في سنة 2007 إلى الأمين العام للأمم المتحدة، نص المبادرة المغربية بشأن التفاوض لتخويل الصحراء المغربية حكما ذاتيا، ومنذ ذلك التاريخ حظيت المبادرة بدعم دولي باعتباره المقترح الواقعي ذا مصداقية لحل النزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية.
والتزمت المملكة المغربية بتقديم مبادرة للتفاوض بشأن نظام للحكم الذاتي لجهة الصحراء في إطار سيادة المملكة ووحدتها الوطنية والترابية، وتندرج هذه المبادرة في إطار بناء مجتمع ديمقراطي حداثي، يرتكز على مقومات دولة القانون والحريات الفردية والجماعية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي مبادرة واعدة بانبثاق مستقبل أفضل لسكان الجهة، فضلا عن أنه من شأنها أن تضع حدا للمعاناة من الفراق والنفي وأن تساعد على تحقيق المصالحة.
وتكفل المملكة المغربية، من خلال هذه المبادرة، لكافة الصحراويين، سواء الموجودين في الداخل أو في الخارج، مكانتهم اللائقة ودورهم الكامل في مختلف هيئات الجهة ومؤسساتها، بعيدا عن أي تمييز أو إقصاء، ومن هذا المنطلق، سيتولى سكان الصحراء، وبشكل ديمقراطي، تدبير شؤونهم بأنفسهم من خلال هيئات تشريعية وتنفيذية وقضائية، تتمتع باختصاصات حصرية، كما ستوفر لهم الموارد المالية الضرورية لتنمية الجهة في كافة المجالات، والإسهام الفعال في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمملكة.
وتحتفظ الدولة باختصاصاتها في ميادين السيادة، سيما الدفاع والعلاقات الخارجية والاختصاصات الدستورية والدينية للملك، أمير المؤمنين، وترمي المبادرة المغربية، المفعمة بروح الانفتاح، إلى توفير الظروف المواتية للشروع في مسار للتفاوض والحوار، كفيل بأن يفضي إلى حل سياسي مقبول من جميع الأطراف.
وحسب المبادرة، يخضع نظام الحكم الذاتي، المنبثق من المفاوضات، لاستشارة استفتائية للسكان المعنيين، طبقا لمبدإ تقرير المصير ولأحكام ميثاق الأمم المتحدة، ومن هذا المنطلق، فإن المغرب وجه نداء إلى باقي الأطراف لكي تغتنم هذه الفرصة من أجل فتح صفحة جديدة في تاريخ المنطقة، كما يعبر عن استعداده للانخراط في مفاوضات جدية وبناءة، انطلاقا من هذه المبادرة، وكذا عن الإسهام في خلق مناخ الثقة الضرورية لإنجاحها.
وتتضمن المبادرة العنـاصـر الأسـاسيـة للمقتـرح المغـربي، وأكدت أن المشروع المغربي للحكم الذاتي مستلهم من مقترحات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومن الأحكام الدستورية المعمول بها في الدول القريبة من المغرب جغرافيا وثقافيا، وهو مشروع يقوم على ضوابط ومعايير متعارف عليها عالميا.
وتنص المبادرة على أن سكان جهة الحكم الذاتي للصحراء، داخل الحدود الترابية للجهة، ومن خلال هيآت تنفيذية وتشريعية وقضائية، ووفق المبادئ والقواعد الديمقراطية، يمارسون عدة اختصاصات، ولاسيما في الإدارة المحلية والشرطة المحلية ومحاكم الجهة، وعلى المستوى الاقتصادي في التنمية الاقتصادية والتخطيط الجهوي وتشجيع الاستثمارات والتجارة والصناعة والسياحة والفلاحة ؛ ميزانية الجهة ونظامها الجبائي، وكذلك البنى التحتية (الماء والمنشآت المائية والكهرباء والأشغال العمومية والنقل)، على المستوى الاجتماعي (السكن والتربية والصحة والتشغيل والرياضة والضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية)، وكذلك التنمية الثقافية، بما في ذلك النهوض بالتراث الثقافي الصحراوي الحساني.
وتتوفر جهة الحكم الذاتي للصحراء على الموارد المالية الضرورية لتحقيق تنميتها في كافة المجالات، وتتكون هذه الموارد بالخصوص من الضرائب والرسوم والمساهمات المحلية المقررة من لدن الهيئات المختصة للجهة، والعائدات المتأتية من استغلال الموارد الطبيعية، المرصودة للجهة، وجزء من العائدات المحصلة من طرف الدولة والمتأتية من الموارد الطبيعية الموجودة داخل الجهة، والموارد الضرورية المخصصة في إطار التضامن الوطني، وعائدات ممتلكات الجهة.
وتحتفظ الدولة باختصاصات حصرية، خاصة منها ما يتعلق بمقومات السيادة، سيما العلم والنشيد الوطني والعملة، المقومات المرتبطة بالاختصاصات الدستورية والدينية للملك، بصفته أمير المؤمنين والضامن لحرية ممارسة الشعائر الدينية وللحريات الفردية والجماعية، والأمن الوطني والدفاع الخارجي، والوحدة الترابية، والعلاقات الخارجية، والنظام القضائي للمملكة.
وتباشر الدولة مسؤوليتها في مجال العلاقات الخارجية بتشاور مع جهة الحكم الذاتي للصحراء، وذلك بالنسبة لكل القضايا ذات الصلة المباشرة باختصاصات هذه الجهة، ويجوز لجهة الحكم الذاتي للصحراء، بتشاور مع الحكومة، إقامة علاقات تعاون مع جهات أجنبية بهدف تطوير الحوار والتعاون بين الجهات، ويزاول مندوب للحكومة اختصاصات الدولة في جهة الحكم الذاتي للصحراء.
ومن جهة أخرى، تمارس الاختصاصات، التي لم يتم التنصيص على تخويلها صراحة، باتفاق بين الطرفين، وذلك عملا بمبدأ التفريع، وتمثل ساكنة جهة الحكم الذاتي للصحراء في البرلمان وبباقي المؤسسات الوطنية، وتشارك في كافة الانتخابات الوطنية.