تحولت المنصة الجديدة التي جرى افتتاحها أخيرًا على ضفة نهر أبي رقراق بمدينة سلا، إلى نقطة جذب شبابية لممارسة القفز في مياه النهر، في مشهد أثار الكثير من التساؤلات حول جدوى المشروع وأدواره الحقيقية، وحول غياب تدابير السلامة والمراقبة الضرورية لتفادي حوادث محتملة.
المشروع، الذي رُوِّج له باعتباره قيمة مضافة لمشروع تهيئة ضفاف أبي رقراق، كان من المنتظر أن يساهم في تعزيز جاذبية الفضاءات العمومية وتوفير متنفس جديد للعائلات والزوار، غير أن واقع الاستعمال اليومي سرعان ما أفرز صورًا غير متوقعة، حيث أضحى المنصة بمثابة "منصة غطس" مفتوحة على النهر، يستقطب عشرات الشباب والأطفال، دون أي تأطير أو مراقبة، في غياب تجهيزات للإنقاذ أو تدخل أمني منتظم.
في السياق ذاته، أبدت جمعيات محلية قلقها من هذا الاستعمال غير المهيكل للمنصة، محذرة من المخاطر الصحية والأمنية المرتبطة بالقفز في مياه النهر، التي يتفاوت منسوبها، ما يهدد هؤلاء الشباب بأخطار الارتطام بقاع النهر أو أحجاره، كما نبهت هذه الفعاليات إلى أن المشهد الحالي يسيء إلى صورة المشروع الحضري الكبير الذي أنفقت عليه استثمارات ضخمة، ليجد نفسه اليوم محاصرًا باستعمالات عشوائية لا تنسجم مع أهدافه المعلنة.
وربطت الجمعيات بين الوضع الحالي وضعف تواصل مؤسسة تهيئة أبي رقراق مع المواطنين، حيث لم يتم إطلاق حملات توعية واضحة حول وظائف المنصة أو كيفية استغلالها، كما لم تُعتمد لوحات إرشادية تحدد الغرض منها، مما فسح المجال لتأويلها على أنها فضاء مفتوح للسباحة أو القفز، فيما ترتفع المطالب بتدخل عاجل من السلطات المحلية والجهات المسؤولة عن المشروع، سواء عبر توفير مراقبة مستمرة ووسائل للإنقاذ، أو عبر إعادة توجيه استعمال الفضاء بما يضمن سلامة المواطنين ويحافظ على صورة المشروع. كما دعت فعاليات مدنية إلى التفكير في برمجة أنشطة ثقافية ورياضية مهيكلة بالفضاء، قادرة على استقطاب الشباب في إطار منظم وآمن، بدل تركهم عرضة للمغامرة في مياه النهر.
ويأتي هذا الوضع في وقت تراهن فيه مدينة الرباط وسلا على مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق كرافعة أساسية لتعزيز جاذبيتها السياحية والحضرية، ضمن مشروع ملكي ضخم يهدف إلى إعادة الاعتبار للمجال الحضري وتحويل المنطقة إلى قطب سياحي وثقافي بارز. غير أن الممارسات اليومية على المنصة تكشف عن هشاشة الحكامة في تدبير بعض التفاصيل المرتبطة بالسلامة والوظائف الميدانية، مما يعيد النقاش حول ضرورة مرافقة المشاريع الكبرى بإجراءات دقيقة للتنظيم والتأطير.