هكذا أصبح إدمان ألعاب الفيديو مرضا يستوجب العلاج - تيلي ماروك

ألعاب الفيديو هكذا أصبح إدمان ألعاب الفيديو مرضا يستوجب العلاج

هكذا أصبح إدمان ألعاب الفيديو مرضا يستوجب العلاج
  • 64x64
    Télé Maroc
    نشرت في : 15/11/2021


غالبا ما يطلق على المدمن «مدمنا» لو كان يتعاطى المخدرات أو الكحول، لكن في السنوات الأخيرة أطلقت منظمة الصحة العالمية صفة الإدمان على ألعاب الفيديو وأدخلتها ضمن القائمة تماما كالكحول والمخدرات. وهو الأمر الذي يستوجب العلاج من خلال بعض الخطوات اللازم اتباعها، أو يستدعي في بعض الحالات التدخل الطبي بشكل ضروري وفوري.

في إسبانيا، لجأ مراهق إسباني يبلغ من العمر 15 عاما وينحدر من مقاطعة كاستيون (شرق إسبانيا) إلى المستشفى لتلقي علاج لمدة شهرين بسبب إدمانه على لعبة الفيديو الشهيرة «فورتنايت» Fortnite، وأكد الفريق الطبي الذي أشرف على العلاج أنها أول حالة سريرية من نوعها في العالم.
وقد صرح أنه كان يمضي ما بين 18 إلى 20 ساعة يوميا في ممارسة لعبة «فورتنايت». ومن الأعراض التي سببت دخول المراهق إلى المستشفى، أنه لم يغادر المنزل لفترة طويلة، وتجنب التواصل مع الآخرين، ورفض الاتصال بالخدمات الطبية، ولم يبد اهتماما بما يحدث حوله، وأظهر انتقائية كبيرة في أذواقه، وكانت أنشطته محدودة، ورسب في دراسته.
وكان المراهق يعاني من اضطراب في النوم، ولا يهتم بأمر النظافة الشخصية وتم تشخيصه باضطراب طيف التوحد واضطراب القلق الاجتماعي واضطراب الحزن المعقد بسبب فقدان والدته، التي توفيت قبل عام بسبب مرض السرطان بعد عامين من المرض.
ونشر الفريق الطبي الذي اعتنى بالمراهق بيانا يوم 17 شتنبر الجاري شرح فيه طبيعة الرعاية التي تلقاها خلال الفترة الماضية، مضيفا أنها أول حالة سريرية في العالم تتعلق بعلاج قاصر من إدمان ألعاب الفيديو.
واستفاد المراهق من متابعة نفسية يومية وعلاج شامل مشابه لما يحدث مع مدمني المخدرات. لكن الدكتور ماتياس ريال لوبيز، وهو أحد الأطباء النفسيين الذين أشرفوا على علاجه، أكد أن العملية كانت مختلفة إلى حد ما، لأنه بالإمكان خلال فترة العلاج إبعاد الكحول عن مدمنها، لكن من المستحيل إزالة جميع الشاشات من حياة شخص مراهق.
ويضيف الدكتور لوبيز «كان العلاج يهدف إلى تمكينه من استخدام ألعاب الفيديو بشكل مناسب، حيث لا يمكن للمرء أن يطلب من المراهق أن يتخلى تماما عن الشاشات، فهي في كل مكان تقريبا، لكن يمكننا أن نجعله يدرك أن هناك سلوكيات تضر بالصحة».

تصنيف منظمة الصحة العالمية
أدرجت منظمة الصحة العالمية للمرة الأولى «اضطراب ممارسة الألعاب الإلكترونية» على قائمتها التي تحدد اضطرابات الصحة العقلية في مسودة المبادئ الإرشادية للإصدار الحادي عشر من التصنيف الدولي للأمراض، الذي نشر في 2018، وعرفت منظمة الصحة العالمية اضطراب ممارسة الألعاب الإلكترونية بأنه نمط من سلوك ممارسة الألعاب الإلكترونية المستمر أو المتكرر، سواء على شبكة الإنترنت أو بعيدا عنها.
وصفت مسودة تصنيف الأمراض الصادرة عن منظمة الصحة العالمية لأول مرة «اضطراب ألعاب الفيديو» باعتباره مشكلة عقلية، ضمن قوائم الأمراض المعترف بها صحيا التي يترتب رصدها، وينصح أن تكون لها عيادات وأطباء ووصفات علاجية، وعلى الأطباء ومزودي الرعاية الصحية اعتبار اضطراب ألعاب الفيديو مشكلة لها عواقب صحية، وعلى الرغم من أن معظم من يلعبون ألعاب الفيديو ليست لديهم المشكلة، مثل معظم من يشربون الكحول، لكن في بعض الحالات يؤدي الإفراط في ممارسة هذه الألعاب إلى مضاعفات صحية.
وقالت إن الشخص يوصف بالمدمن إذا كان استخدام ألعاب الفيديو يعيقه في مجالات الحياة المتنوعة من تعليم وشؤون أسرية وشخصية ومهنية واجتماعية.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن العمل بهذا القرار سيسري بدءا من أول يناير عام 2022، حيث يُتوقع أن إدراج إدمان ألعاب الفيديو كمرض سيسهل على الطواقم الطبية على التعامل مع المدمنين ويساعدهم على وصف العلاج المناسب لتلك الحالات.
وقد واجه القرار معارضة شديدة من قبل منتجي ألعاب الفيديو والقائمين على تلك الصناعة، مدعين أن تصنيف الحالة كمرض يستوجب مزيدا من البحث والدراسة، مشيرين إلى قلقهم إزاء توصل منظمة الصحة العالمية لذلك القرار دون إجماع علمي، وذلك في بيان صادر عن الاتحادات العالمية لصناعة ألعاب الفيديو.
ويوافقهم بذلك بعض الخبراء حيث يشير تقرير نُشر في مجلةBehavioural Addictions أن الأساس العلمي لتصنيف إدمان ألعاب الفيديو كمرض يفتقر لأساس علمي قوي، وحث منظمة الصحة العالمية على توخي الحذر، من احتمال أن يؤثر ذلك القرار على العاملين في صناعة ألعاب الفيديو.
وأبدى بعض المسؤولين في أهم شركات التكنولوجيا وألعاب الفيديو استعدادا لأخذ خطوة باتجاه معالجة إدمان ألعاب الفيديو عن طريق توفير خيارات جديدة فيما يخص التحكم بالوقت الذي يقضيه المستخدم أمام الشاشة، حيث أكد رئيس قسم الألعاب في مايكروسوفت أن هناك حيزا للتعاون في مجال البحث العلمي والوقاية من الآثار المدمرة للإدمان.

لا يختلف عن المخدرات والكحول
يقول الدكتور سكوت بيه أحد أعضاء منظمة الصحة العالمية إن الإدمان الذي تنطوي عليه ألعاب الفيديو لا يختلف عن إدمان الكحول أو المخدرات، حيث يتلقى الدماغ المشاعر الإيجابية في كل مرة أثناء اللعب. «في إدمان الألعاب تحدث المكافأة بشكل متقطع ولا يمكن التنبؤ بها، حيث يبقي اللاعبون يبحثون بنشاط عن الشعور الجيد الذي ينتج في المخ عندما يصلون إلى هدف جديد أو يكملون هدفًا بنجاح».
ويدرك مطورو ألعاب الفيديو هذا الأمر، وقد تم تصميم العديد من الألعاب، خاصةً الألعاب المتعددة اللاعبين على الإنترنت لجعل اللاعبين يعيدون سلوكياتهم في السعي لتحقيق هذه الأهداف بشكل كبير.
الأشخاص المصابون بمشاكل نفسية، مثل القلق والاكتئاب، قد يعتمدون على ألعاب الفيديو لإنتاج تغييرات في كيمياء الدماغ تجعلهم يشعرون بالراحة بشكل مؤقت.
أما الأشخاص الأكثر تعرضًا للخطر هم المراهقون والشباب، الذين قد يواجهون صعوبة أكبر في تقييم الآثار السلبية لهذه الألعاب.
والاضطراب يكون غير مفاجئًا، ولكنه يعتبر بمثابة تشخيص عندما يستمر السلوك السلبي لمدة تزيد عن 12 شهرا ويهيمن على حياة الشخص بأكملها. إذا كان الشخص الذى يلعب ألعاب الفيديو يتجنب سلوكيات أخرى، مثل الذهاب إلى العمل أو المدرسة أو أداء الواجب المنزلي، وإذا كانت علاقاته بالأشخاص المحيطين تتأثر بسبب الإفراط في ألعاب الفيديو، فقد يكون ذلك علامة على وجود مشكلة.

قيود جديدة في الصين
من جهتها، أصدرت السلطات الصينية قرارا تمنع بموجبه من هم دون الثامنة عشرة من العمر من ممارسة ألعاب الفيديو عبر الإنترنت لأكثر من ثلاث ساعات أسبوعيًا، بهدف محاربة إدمان الشباب على هذه الممارسات.
فقد أفادت الهيئة الناظمة للمرئي والمسموع والنشر والبث الإذاعي في بيان بأن الأطفال سيسمح لهم باللعب عبر الإنترنت لمدة ساعة واحدة فقط في اليوم، «بين الثامنة مساءً والتاسعة مساءً»، وذلك أيام الجمعة والسبت والأحد حصرا، أي ثلاث ساعات كحد أقصى في الأسبوع الواحد. وفي باقي أيام الأسبوع، لن تكون ألعاب الفيديو عبر الإنترنت متاحة لمن هم دون 18 عاما. وخلال العطل المدرسية سيتسنى لهم اللعب لساعة في اليوم.
وقد أصبحت ألعاب الفيديو «أفيونا عقليا»، مثل العملاق «تنسنت» ولعبته الشهيرة متعددة اللاعبين على الإنترنت «شرف الملوك» التي تضم أكثر من 100 مليون مستخدم نشط يوميا.
ويتسمر بعض الأطفال الصينيين طوال أيام أمام شاشاتهم. ولطالما انتُقدت هذه الظاهرة في الصين نظرا لعواقبها السلبية، من تسببها بضعف النظر أو تأثيرها على الأداء الدراسي أو قلة النشاط البدني أو خطر الإدمان. وكانت القوانين تُحظر أصلًا على القاصرين اللعب عبر الإنترنت بين العاشرة ليلا والثامنة صباحا.
ويشمل هذا الإجراء مبدئيا ألعاب الفيديو عبر الإنترنت فقط وليس على الألعاب التي لا تتطلب تشغيل الإنترنت. وسيتعين على القاصرين تسجيل الدخول باستخدام وثيقة تعريف رسمية بهدف منعهم من التحايل على الحظر، غير أن الجدول الزمني لتطبيق الإجراء لم يُحدد بعد.
وتحت الضغط، قامت مجموعة «تنسنت» التي كانت بدأت تفرض خاصية التعرف على الوجه لمنع القاصرين من اللعب ليلا، بالإضافة إلى قيود على وقت اللعب، بتشديد هذه القواعد بعد أكثر، إلى حد تقصير مدة السماح باللعب إلى ساعة واحدة يوميًا للقاصرين.
وتزامنت هذه الإجراءات مع إبداء السلطات حزما متزايدا في وجه عمالقة الإنترنت. وتمت محاسبة العديد من الشركات العملاقة في هذا القطاع في الأشهر الأخيرة على ممارسات كانت حتى فترة وجيزة مقبولة ومنتشرة على نطاق واسع، لا سيما تلك المتعلقة بالبيانات الشخصية وحقوق المستخدم.
وتدر ألعاب الفيديو بأرباح كبيرة في الصين، فقد حققت رقم أعمال بقيمة 20 مليار دولار في النصف الأول من العام 2021.

علاج الإدمان
يحتاج العلاج إلى دعم من الأسرة والمحيطين، والحوار الإيجابي مع الشخص من خلال مناقشة ضرر الإدمان صحياً، نفسيا، اجتماعيا، وإيمانيا، وأن العقل والجسد يعد أمانة ويجب الحفاظ عليهما. يجب أن يستوعب الأهل أن الإدمان بحاجة إلى دعم ومساندة لا إلى التوبيخ، وأن الأمر يحتاج إلى وقت وإلى تغيير نظام الحياة بالتدريج لعلاج الضرر الذي أصاب الدماغ من الداخل، وربما يحتاج إلى تدخل من طبيب نفسي، كما يجب اتباع بعض الخطوات المساعدة.
فيجب وضع خطة بمشاركة الشخص المدمن لتقليل اللعب بالتدريج، التسجيل في نشاط رياضي (وهو أمر في غاية الأهمية)، خروج العائلة في نزهات ومزاولة أنشطة ترفيهية معاً (خاصة فترة العلاج)، إشغال وقت الفراغ بهوايات يختارها الشخص المدمن، البحث عن صديق داعم والابتعاد عن الأصدقاء المشجعين على الإدمان، التحكم بعدم توفير الأنترنت بشكل مستمر، حيث يمكن قطع الأنترنت في أوقات مدروسة (وذلك للألعاب التي تمارس أون لاين)، وأخيرا استشارة طبيب نفسي إذا لزم الأمر وعدم التهاون في الإدمان لأنه كلما زاد الإدمان ازدادت المشكلة تعقيداً وتسببت في ضرر بالغ في جوف الدماغ.

أصبحت ألعاب الفيديو «أفيونا عقليا»، مثل العملاق «تنسنت» ولعبته الشهيرة متعددة اللاعبين على الأنترنت «شرف الملوك» التي تضم أكثر من 100 مليون مستخدم.


إقرأ أيضا