غسان الأديب: المستشفيات تعيش موجة كورونا ثانية وهذه أسباب ارتفاع الحالات الخطيرة - تيلي ماروك

غسان الأديب - المستشفيات - كورونا - الحالات الخطيرة غسان الأديب: المستشفيات تعيش موجة كورونا ثانية وهذه أسباب ارتفاع الحالات الخطيرة

غسان الأديب: المستشفيات تعيش موجة كورونا ثانية وهذه أسباب ارتفاع الحالات الخطيرة
  • 64x64
    تيلي ماروك
    نشرت في : 16/09/2020

تتواصل تطورات الوضعية الوبائية لفيروس كورونا المستجد في المغرب في خضم الارتفاع المتزايد لأعداد المصابين بمرض «كوفيد 19»، وهو ما بات يوصف من قبل المتتبعين والمهنيين في قطاع الصحة بـ «الموجة الثانية» أو «مرحلة الذروة» لانتشار الوباء، بعد فترة الحجر الصحي التي دامت زهاء ثلاثة أشهر شهد فيها الوباء انحسارا كبيرا وبات عداد الإصابات الجديدة حينها لا يفوق العشرات.

وفي ظل التطورات المطردة للوضعية الصحية في المغرب والتي بات يسيطر عليها هاجس التحكم في انتشار «الوباء العالمي»، بات لزاما الإصغاء بإمعان إلى جنود الصفوف الأمامية في المعركة، من أطباء ومهنيي الصحة، لاستشراف مكامن القوة في منظومتنا الصحية العمومية لتعزيزها، ومكامن الضعف لعلاجها.

في هذا الحوار مع البروفيسور أحمد غسان الأديب، رئيس قسم الإنعاش والتخدير بالمركز الإستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، نرصد واقع المستشفيات العمومية في حربها الضروس ضد وباء كورونا، ونقرأ مستقبل صمود المنظومة الصحية العمومية في هذه الحرب في مدن باتت تصنف بؤرا للوباء وتجاوز أعداد الإصابات اليومية فيها المئات، كما سنتبين آمال الحصول على اللقاح الفعال ضد والوباء، ووصايا الممارسين والمهنيين من أجل تجاوز الأزمة بأقل الخسائر.

هل يمكن أن تكون أرقام الإصابات بـ «كوفيد 19» مؤشرا حقيقيا لتقييم الوضعية الوبائية في المغرب ؟

لا يمكن اعتبار أعداد الإصابات الجديدة معيارا حقيقيا من أجل تقييم الوضع الصحي في المغرب في العلاقة بفيروس كورونا، على اعتبار أن الحالات التي تخضع للتحاليل المخبرية هي الحالات التي تظهر عليها أعراض الإصابة والمخالطين لهم من باقي الحالات الأخرى، وبالتالي يمكن أن تكون هنالك إصابات من الذين لم يجروا التحاليل المخبرية. ومن هذا المنطلق فإنه لا يمكن الاعتماد حصرا على مؤشر عدد الإصابات المسجلة لتقييم الوضع، ولهذا اعتبر أنه يمكن الاعتماد على محدد عدد الإصابات الحرجة والتي تلج الإنعاش بالإضافة إلى مؤشر عدد الوفيات، على اعتبار أن هذين المؤشرين واقعيان وسريعان، أما نتائج التحاليل المخبرية فلا تكون مباشرة وقد تأخذ وقتا قبل صدورها وأيضا تكشف عن حالات الإصابة التي قد تعود لفترات سابقة وقد تتجاوز 14 يوما، ومنه فإنها لا تصلح كمؤشر على الحالة والوبائية الراهنة.

ماذا بخصوص مؤشر عدد الوفيات في المغرب جراء المرض بالمقارنة مع باقي الدول ؟

بالرجوع إلى الوضعية الحالية والأرقام المعلن عنها بخصوص حالات الوفيات جراء «كوفيد19» في المغرب، يمكن القول إن هذا المؤشر هو من الأقل والأحسن في العالم، حيث يصل معدل الإماتة إلى 1,9 في المائة، وهذا يعني أنه وعلى الرغم من ارتفاع الحالات الوبائية إلا أن الفيروس لا يخلف عددا كبيرا من الضحايا في المغرب، بالمقارنة مع دول أخرى، كالدول المجاورة أو الدول الأوروبية أو التي سجلت أعداد إصابات قريبة للأعداد المسجلة في المغرب، إذ إن حالات الوفيات جراء «كوفيد19» لا تتعدى في المغرب 24,3 حالات لكل مليون نسمة، وهو الرقم الذي يعتبر بدوره الأجود في العالم.

إن انخفاض معدل الوفيات جراء الإصابة بمرض «كوفيد 19» مقابل ارتفاع أعداد الإصابات، بشكل كبير بالمرض، يضع المنظومة الصحية المغربية والأجهزة المتدخلة في مواجهة انتشار الوباء، أمام رهان حقيقي هو العمل على عدم ارتفاع أعداد الوفيات ولم لا الخفض من هذه الأعداد بالإضافة إلى سرعة التكفل بالحالات المصابة والرفع من معدل التعافي وخفض عدد الحالات النشطة والحالات الحرجة التي تتواجد في أقسام الإنعاش.

ما هي الوضعية الحالية للمستشفيات العمومية بالنسبة لاستيعاب الحالات المصابة؟

ما يمكنني أن أؤكده بخصوص الطاقة الاستيعابية للمستشفيات العمومية، هو وضعية أقسام الإنعاش والعناية المركزة، باعتبارها مجال اشتغالي، فهذه الأقسام في المدن التي تشهد انتشارا كبيرا للوباء كالدار البيضاء ومراكش، قد وصلت إلى 100 في المائة من طاقتها الاستيعابية، بل إننا نعمل في كل حين على فتح أقسام جديدة لاستقبال الحالات التي تردنا، غير أنه وبخلاف فترة الحجر الصحي، حيث كانت جل الأقسام مخصصة لعلاج والتكفل بمرضى «كوفيد 19»، فإنه خلال الفترة الحالية، نحن ملزمون بالإبقاء على مسارات العلاج لباقي الأمراض الأخرى، إذ إنه بعد رفع الحجر الصحي، سجلنا ارتفاعا لأعداد المرضى الآخرين، وبالتالي كان لزاما على الأطر الصحية الاشتغال بجهد مضاعف لتجاوز التأخر في التكفل بالحالات للمرضى الأخرين، وأيضا التكفل بالحالات المتزايدة لمضى «كوفيد 19».

هل هذا الأمر أثقل كاهل المنظومة الصحية العمومية ؟

أمام الوضع الجديد بعد رفع الحجر الصحي، والذي تمثل في ارتفاع حالات الإصابة لدى المرضى باقي الأمراض الأخرى، كالسرطانات والأمراض المزمنة بالإضافة إلى ارتفاع ضحايا حوادث السير، هذا دون إغفال الارتفاع الذي شهده أعداد المصابين بـ «كوفيد19»، فقد واجهت المنظومة الصحية العمومية صعوبات كبيرة، وبحكم اشتغالنا في أقسام الإنعاش، فإننا سجلنا في الجمعية المغربية للإنعاش والتخدير وعلاج الآلام، في سنة 2015 أن المغرب يواجه نقصا كبيرا ليس فقط على مستوى التجهيزات، بل أيضا على مستوى الموارد البشرية، خاصة في تخصصات التخدير والإنعاش الطبي، بالإضافة إلى أخصائيي المستعجلات، وكانت دراسة دولية رصدت النقص الذي يواجهه المغرب، وبينت أننا نتوفر فقط بخصوص أطباء الإنعاش والتخدير على 1.89 لكل مائة ألف نسمة، في الوقت الذي يعتبر المعدل العالمي ما بين 15 و20 لكل مائة ألف نسمة، وهذه الأرقام تحديدا قبل جائحة كورونا، ويزيد هذا الأمر حدة إذا علمنا أن المغرب لا يتوفر في قطاع الصحة العمومية سوى على عدد محدود من هؤلاء الأطباء أقل من 200 طبيب، و80 في المائة منهم يتواجدون في مناطق المركز (الدارالبيضاء، الرباط، فاس، مراكش)، هذا دون إغفال أن الإنعاش لمرضى «كوفيد19» من أصعب الأنواع ويتطلب إجراءات دقيقة من قبيل التنفس الاصطناعي العادي والتنفس الاصطناعي الاختراقي، وهو الأمر الذي يجعل المنظومة الصحية في مواجهة ضغط كبير.

ما الحل الذي تقترحونه لمواجهة النقص الكبير في الموارد البشرية، خاصة في أقسام الإنعاش والتخدير؟

لحل هذا المشكل، لا أرى من باب آخر غير اعتماد استراتيجية في مجال التكوين، وذلك بأن تكون لدينا أهداف واضحة من أجل الرفع من عدد الأطباء في هذا الاختصاص، على اعتبار أن هذا الاختصاص من الأصعب في مجال الطب، وهو الأمر الذي يتطلب تحفيزات من الدولة كالتعويضات عن الأخطار المهنية الإمكانيات الضرورية للقيام بالعمل على أكمل وجه، لمعالجة الخصاص وضح دماء جديدة في هذا التخصص من الطب الذي نجد أن عدد الأطباء فيه على الصيد الوطني يقل عاما بعد الآخر، ولهذا وجب الرفع من القوة الاستقطابية لأطر الطب نحو التخصصات التي تعاني الخصاص كما يجب أيضا الرفع من التجهيزات الأقسام الإنعاش والمستعجلات.

إنه من الضروري التوفر على تصور بعيد المدى لمعالجة مشكل الخصاص في الأطر في بعض التخصصات الدقيقة في مجال الطب، كما هو الشأن كذلك في طب الإنعاش الاستعجالي، والذي يعتبر من التخصصات الدقيقة ويتطلب مدة تكوين طويلة جدا، ويجب استخلاص العبر من هذه الجائحة.

وفي 7 مستشفيات جامعية، نجد أن عدد خريجي طب الإنعاش والتخدير على الصعيد الوطني لا يتعدى 100 طبيب، وأغلب هؤلاء الخريجين الجدد يختارون الاشتغال في القطاع الخاص أو الهجرة إلى الخارج. 

ما مدى نجاعة خيار اللجوء للمستشفيات الميدانية، بدل إشراك القطاع الخاص لتخفيف العبء على المستشفيات العمومية؟

لا يجب أن نغفل أن القطاع الخاص قدم خدمات جليلة في مجال الاستشفاء بالنسبة لمواجهة انتشار وباء كورونا منذ بداية الوباء وإلى اليوم، غير أن الطاقة الاستيعابية في القطاع الخاص محدودة جددا بالمقارنة مع المراكز الاستشفائية التي تضم أزيد من 1500 سرير، كما أن المستشفيات الميدانية قدمت بدورها خدمات مهمة في مواجهة انتشار الوباء وساعدت المستشفيات العمومية في عودة المسارات العلاجية لمرضى باقي الأمراض الأخرى وتخفيف العبء عنها، غير أن كذلك تبقى هذه المستشفيات في حاجة إلى الطواقم الطبية والموارد البشرية التي ستشتغل فيها، وهذه الطواقم، لا يمكن الاعتماد في توفيرها فقط على القطاع العمومي الذي بدوره يعاني الخصاص، والذي كان مجندا طيلة الأشهر الأولى للحجر ومازال بمعدل 24/24 ساعة، حتى بات منهكا لأقصى درجة، ولهذا وجب العمل على توظيف جميع الموارد المتاحة من أجل المنظومة الصحية في هذه الفترة.

سجلت الوضعية الوبائية في الآونة الأخيرة ارتفاعا في الحالات الحرجة للمصابين، هل الأمر مرتبط بتأخر التشخيص للمصابين أم بارتفاع حالات الإصابة في صفوف الفئات الهشة ؟

إن كل ما ذكرت من أسباب موجودة فعلا وتبرر ارتفاع عدد الحالات الحرجة في صفوف المصابين بـ «كوفيد 19»، بالإضافة إلى عوامل عديدة، ونحن بصدد تشخيص المرضى بـ «كوفيد 19» الذين يوجدون في حالة حرجة، نجد أن الأغلبية الساحقة منهم هم من أعمار مرتفعة نسبيا بالإضافة إلى أن أغلبهم يعانون من أمراض مزمنة، وإن كان هذا لا ينفي أن هناك حالات للشباب ليس لديهم أي أمراض مزمنة لكنهم يوجدون في الإنعاش، وقد عاينت هذا الأمر مرات عديدة، لكن يبقى العامل الأساسي، هو أن عددا كبيرا من الحالات التي تصل مرحلة الخطر، يكونون قد بلغوا مراحل متقدمة من المرض، وذلك لأسباب عديدة، وعندما نتبين أسباب تأخرهم، نجد عوامل عديدة، منها أن البعض منهم لا يفسر مرضه بأنه من «كوفيد 19» بل يلجأ للتداوي المنزلي والأعشاب، كما أن هناك مرضى آخرين كانوا يخشون أن يتم تشخيص مرضهم وبالتالي الحجر عليهم في المستشفى العمومي، كما أن هناك حالات لمرضى يجهلون المسارات التي يجب اتباعها للعلاج، بالإضافة إلى مرضى آخرين يتوجهون للقطاع الخاص الذي يوجههم بدوره إلى المستشفيات العمومية، غير أنه لا يمكن إغفال أيضا أن هناك تأخرا في الفترة الأولى في الحصول على نتائج التحاليل المخبرية، حيث كان هذا التأخر يصل إلى سبعة أيام أو أكثر، وهذا الأمر يرتبط بدوره بعدة عوامل، وقد حاولت الوزارة الوصية تدارك الأمر من خلال مذكرة توصي فيها بضرورة علاج الحالات التي تظهر عليها الأعراض بالاعتماد على الفحص السريري، دون الحاجة إلى انتظار نتائج التحليلة المخبرية.

هل تم فعلا تنزيل هذه الخطوات من أجل التقليل من عدد الإصابات الخطرة بالوباء؟

فعلا هناك العديد من المناطق التي باشرت الاشتغال بالبروتوكول المحين، وقد كانت هناك بعض الاجتهادات في مناطق متفرقة، كما هو الشأن مثلا في طنجة، حيث أن هناك لجنة علمية وطبية تضم جميع القطاعات المشاركة في مواجهة الوباء، ويتم التنسيق بين جميع هذه القطاعات، وهذا الأمر قد أعطى أكله حيث تابعنا تراجعا كبيرا في أعداد الحالات المسجلة وبالتحديد بجهة طنجة، وهو النموذج الذي نرجو تعميمه على باقي المناطق، خصوصا في الجانب المتعلق باشراك أطباء القطاع الخاص كمشاركين في المسارات العلاجية، ويتم التنسيق بقوة بين القطاع العمومي والقطاع الخاص في مواجهة الجائحة، تحديدا بالنسبة لأطباء القطاع الخاص، علما أن هؤلاء الأطباء قبل الجائحة كانوا يتكفلون بعلاج 50 في المائة من المرضى الذين يتوجهون للقطاع العام.

ماذا بخصوص فعالية التحاليل المخبرية التي يعتمدها المغرب للكشف عن حالات الإصابة ؟

هناك ثلاثة أنواع للتحاليل المخبرية التي يتم اعتمادها وأجراؤها في هذا الجانب، فهناك التحاليل التي تعتمد الكشف عن الأجسام المضادة (PCR) وهي التحاليل التي تكشف مباشرة عن مدى الإصابة بالمرض، وللإشارة فقد كان المغرب من بين الدول التي رفعت بشكل كبير جدا قدراتها في هذا النوع من التحاليل، غير أن الإشكال الذي يواجه المغرب هو أن الأغلبية الساحقة من المختبرات المرخص لها بإجراء هذا النوع من التحاليل، عمومية، وقد واصلت عدد منها الاشتغال دون انقطاع منذ ستة أشهر، وهو الأمر الذي أدى إلى إنهاك مواردها البشرية وجعلها غير قادرة على مسايرة التطورات الوبائية.

وهناك التحاليل «الاونتي جينية» السريعة، وهو النوع الذي يجب الاشتغال على الرفع من عدده، على اعتبار أن هذا النوع من التحاليل دقيق جدا وسريع بشكل كبير بالمقارنة مع التحاليل التي يتم إجراؤها في المختبرات، ثم النوع الثالث من التحاليل، وهي التحاليل «السيرولوجية»، وهذا النوع من التحاليل يتميز بكونه يعطي النتائج بعد الإصابة بالوباء بعشرة أيام، وهذا النوع من التحاليل ينفع فقط في دراسة الحالة الوبائية، أو بالنسبة للحالات التي تأتي في مرحلة متقدمة من المرض، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على هذا النوع من التحاليل من أجل تحديد الإصابة بالمرض، فقد يحصل أن يجري مريض هذا النوع من التحاليل، ولأن فترة إصابته بالمرض لم تصل إلى عشرة أيام فقد تصدر التحاليل سلبية ونقول حينها أنه غير مصاب على الرغم من كونه يحمل الفيروس، وهذا يشكل خطورة.

بعد ارتفاع عدد حالات الإصابة بالوباء وتجاوز الحالات الجديدة ألفي إصابة يوميا، هل المغرب بات يواجه موجة ثانية من الوباء ؟

إن هذا الموضوع مازال مثار نقاش في الوسط العلمي والمهني المغربي، فيما إذا ما كانت موجة ثانية أو لا، حيث إن الواقع هو أن منحى الإصابات في الفترة الأولى كان يرتفع بشكل متزايد، غير أننا تمكنا من تسطيحه لدرجة كبيرة للغاية، انطلاقا من التوجهات السامية لصاحب الجلالة، وكل ما تم اتخاذه خلال فترة الحجر الصحي، وهذا الأمر مكن المنظومة الصحية من الصمود المواجهة، غير أنه بعد رفع الحجر الصحي، سجلنا نوعا من التراخي على عدة مستويات، وهو ما أدى إلى بروز نوع من البؤر الصناعية التي أبقت على انتشار الفيروس، وتلت هذه الفترة فترة مناسبات دينية كعيد الأضحى وبداية العطلة الصيفية وغيرها من المناسبات التي أدخلت الوضعية الوبائية مرحلة ثانية من انتشار الفيروس.

وفي أقسام الإنعاش، فقد عشنا فترة كادت تكون فيها هذه الأقسام خالية من الحالات الخطرة، وذلك في الأيام الأخيرة من فترة الحجر الصحي، غير أننا بدأنا نشهد موجة ثانية، يمكن أن أؤكدها لك فعلا، حيث بدأت ترتفع أعداد الحالات الحرجة والخطيرة بعد رفع الحجر الصحي، وهي فترة ثانية، أو موجة ثانية.

هل شهد فيروس كورونا في المغرب تطورا لتركيبته الجينية ساعدت في انتشاره خلال الفترة الثانية ؟

لحد الآن فإن الفيروس قد شهد تغيرات كبيرة وتحول لفيروسات كثيرة، بسبب عدد من الطفرات الجينية التي طرأت عليه، غير أن هذه الطفرات التي طرأت على فيروس كورونا لم يكن لها تأثير على معدل انتشاره الذي بقي هو نفسه على مستوى العالم أجمع، كما لم تخلف تغييرات في الفيروس على المستوى السريري، والأكيد هو أن الفيروس الذي يتواجد في المغرب بطفراته هو نفسه الذي كان منذ الفترة الأولى لانتشار الوباء.

هل يمكن أن يستمر ارتفاع الإصابات الجديدة بعد بداية الدخول المدرسي والإداري ونهاية العطلة الصيفية ؟

لا استبعد هذا الأمر خصوصا أن المعطيات الحالية تشير إلى أنه من الصعب في الوقت القريب تخفيض منحى الإصابات، كما أن العديد من المناطق التي لم تكن فيها أعداد كبيرة من الإصابات، باتت الوضعية الوبائية فيها اليوم مقلقة، حتى في العالم القروي، الذي يشهد انتشار الوباء، وبدأنا نسجل سرعة في انتشار الوباء في الأسبوع الأخير، في مقابل المجهودات الكبيرة التي يتم بذلها.

في حال استمرار ارتفاع حالات الإصابة الجديدة بكوفيد 19، هل من الأجدى العودة للحجر الصحي الشامل ؟

لقد كان جلالة الملك محمد السادس، والذي هو أعلى سلطة في البلاد، واضحا في خطابه السامي، حين تحدث عن المجهودات التي بدلتها الدولة من أجل مواجهة الوباء، وقدم تحليلا دقيقا للوضع، كما حذرنا من أن التراخي في مواجهة الجائحة والوصول إلى نقطة يصعب معها التحكم في الوضع، حيث ستكون الدولة حينها مجبرة على اتخاذ قرارات احترازية قد يكون لها الأثر والتبعات الاقتصادية والاجتماعية.

لقد قرر المغرب الانخراط في التجارب الأولية بغرض الوصول إلى لقاح فعال ضد كورونا، كيف ترون هذه الخطوة ؟

لقد اتخذ المغرب خطوات استباقية من أجل الحصول على تقنية دقيقة من أجل الوصول بنجاعة وسلاسة إلى اللقاح ضد كورونا، بعد نهاية تجارب السلامة، وحتى يكون هذا اللقاح في متناول المواطن المغربي، وما قام به المغرب من خطوات هو ليكون من أوائل الدول الإفريقية حصولا على هذا اللقاح، بالإضافة إلى هذه الخطوات التوفر على مختبرات علمية قادرة على تصنيعه مستقبلا، وسيشكل هذا الأمر طفرة نوعية على مستوى طموح المغرب في جانب الريادة الإفريقية، فاللقاحات كانت ومازالت عبر العصور، خط الدفاع الأول والقوي ضد الأمراض المعدية، وقد ساهمت اللقاحات في الحد من انتشار عدد من الأمراض بل والقضاء عليها بشكل نهائي، كما أنقدت اللقاحات أرواح الملايين من الأفراد، والمغرب يتوفر على خبراء في مستويات علمية عالية وقادرون على تطوير والمساهمة في هذه الخطوات.

ما هي توقعاتك لمستقبل الوضعية الوبائية لكورونا في الفترة القادمة ؟

شخصيا أنا متفائل بما يمكن أن نحققه خلال الفترة القادمة، وهذا الأمر ليس بجديد على المغرب، فقد حققنا في الفترة الأولى نجاحا باهرا في تقليص أعداد الإصابات، وتسطيح المنحنى، وما يجب التركيز عليه خلال هذه الفترة هو الاستماع الجيد لأراء وتوجيهات الحكماء في القطاع وذوي الاختصاص، وهو الأمر الذي افتقدناه في هذه الفترة الحالية، بخلاف الفترة السابقة التي كان فيها صوتنا مسموعا، وقدمنا خلالها العديد من البروتوكولات والمقترحات والتوصيات وباعتباري رئيسا لجمعية علمية في القطاع فقد كان صوتنا حينها مسموعا أكثر، بخلاف ما هو عليه الآن، بالإضافة إلى هذا يجب أن نؤكد على ضرورة إشراك الجميع من قطاع خاص ومهنيين وسلطات محلية ومتدخلين من المجتمع المدني.

أحمد غسان الأديب في أسطر:

-الرئيس السابق للجمعية المغربية للإنعاش والتخدير وعلاج الآلام (SMAR) .

-نائب رئيس الجمعية المغربية للمحاكاة الطبية (Morocco Sim).

-عضو مجلس الإدارة الإفريقي ولجنتي السلامة وجودة الممارسة للاتحاد العربي والإتحاد العالمي لجمعيات التخدير (WFSA).

-المسؤول البيداغوجي لمركز المحاكاة والابتكار في علوم الصحة، كلية الطب والصيدلة، جامعة القاضي عياض، مراكش.

-رئيس قسم الإنعاش والتخدير لأمراض النساء والتوليد بمستشفى الأم والطفل، المركز الإستشفائي الجامعي محمد السادس، مراكش.


إقرأ أيضا