كل ما يجب أن تعرفه حول خطة قانون المالية لإنعاش الاقتصاد والتغطية الاجتماعية بالمغرب - تيلي ماروك

قانون المالية - إنعاش الاقتصاد - التغطية الاجتماعية - المغرب كل ما يجب أن تعرفه حول خطة قانون المالية لإنعاش الاقتصاد والتغطية الاجتماعية بالمغرب

كل ما يجب أن تعرفه حول خطة قانون المالية لإنعاش الاقتصاد والتغطية الاجتماعية بالمغرب
  • 64x64
    تيلي ماروك
    نشرت في : 20/10/2020

 سيقدم وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، اليوم الاثنين، مشروع قانون المالية لسنة 2021، في جلسة مشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين، وذلك بعد عرضه بالمجلس الوزاري، برئاسة الملك محمد السادس، والمصادقة عليه بالمجلس الحكومي. ويأتي مشروع قانون المالية للسنة المقبلة في سیاق وطني ودولي استثنائي يتسم بالانتشار المتسارع لجائحة فيروس كورونا «کوفید-19» وتفاقم آثارها السلبية على المستويات الصحية والاقتصادية والاجتماعية، وكذا بتوالي سنتين من الجفاف، وبذلك هناك تحديات كبيرة تواجه هذا القانون للحد من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للجائحة.

وفقا للتعليمات الملكية السامية، تم اتخاذ عدة إجراءات للتحكم في الوضع الوبائي من جهة، ودعم الفئات الهشة المتضررة من تداعيات هذه الجائحة والعمل على الحد من آثارها السلبية على الوضع الاقتصادي للبلاد مع الحرص على الحفاظ على مناصب الشغل من جهة أخرى. وهكذا، تمثلت أولى تدابير الدعم في إحداث حساب خصوصي للخزينة تحت اسم «الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا کوفید-19» لتغطية النفقات الاستثنائية المترتبة عن تدخلات الدولة لتخفيف الصدمة الناجمة عن الأزمة، التي أبانت عن مجموعة من الاختلالات وانعكست سلبا على الاقتصاد الوطني والشغل. وفي هذا الصدد، أعطى الملك توجيهاته، بمناسبة خطاب العرش في 29 يوليو 2020، وكذا الخطاب الملكي بتاريخ 9 أكتوبر 2020 بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة، لتنفيذ خطة طموحة لإنعاش الاقتصاد وبدء مشروع مجتمعي كبير لتعميم التغطية الاجتماعية.

تداعيات أزمة كورونا

أوضحت المذكرة التقديمية لقانون المالية أنه، في إطار جهود الحكومة لاستباق الانعكاسات المباشرة وغير المباشرة للأزمة الصحية المرتبطة بكوفید-19 على الاقتصاد الوطني، تم إحداث لجنة لليقظة الاقتصادية عهد إليها، من جهة، بتتبع الوضع الاقتصادي من خلال آليات دقيقة للرصد والتقييم، ومن جهة أخرى، بتحديد التدابير الملائمة في ما يتعلق بمواكبة القطاعات المتضررة ما مکن من تخفيف أثر الأزمة على الوضع الاجتماعي للأسر وعلى تقليص حدة الركود الذي عرفه الاقتصاد المغربي. وعلاوة على ذلك، وفي ظل هذا السياق، وتنفيذا للتوجيهات الملكية الداعية إلى إعادة ترتيب الأولويات، وبناء مقومات اقتصاد قوي وتنافسي، ونموذج اجتماعي أكثر إدماجا، أكدت المذكرة أن الحكومة عازمة، بالتعاون مع مختلف الفاعلين، على تركيز اهتمامها وعملها على تعزيز التنمية وإرساء العدالة الاجتماعية والمجالية.

وفي هذا الصدد، تم، بتاريخ 06 غشت 2020، التوقيع على «میثاق من أجل الإقلاع الاقتصادي والتشغيل» يترجم الالتزام المشترك لجميع الشركاء، ويتعلق الأمر بكل من الدولة والقطاع الخاص والقطاع البنكي من أجل إعطاء دينامية

جديدة للاقتصاد الوطني والحفاظ وإنعاش الشغل والوقاية الصحية للعاملين وتسريع عملية إدماج القطاع غير المهيكل وتشجيع الحكامة الجيدة. ولهذا الغرض، سيتم بذل مجهود مالي مهم واستثنائي من خلال ضخ حوالي 120

مليار درهم في الاقتصاد الوطني، أي مايعادل 11% من الناتج الداخلي الخام. ومن شأن هذا المجهود أن يجعل المغرب من بين الدول الأكثر إقداما في تبني خطط كفيلة بإنعاش الاقتصاد بعد هذه الأزمة. ويشمل هذا المبلغ 75 ملیار درهم من القروض المضمونة من طرف الدولة لفائدة كافة أصناف المقاولات، و45 مليار درهم مرصدة لفائدة «صندوق محمد السادس للاستثمار»، منها 15 مليار درهم كمساهمة من ميزانية الدولة.

دعم الاستثمار العمومي

سجلت المذكرة التزام الحكومة بمواصلة دعمها للاستثمار العمومي من خلال مواكبة المشاريع الكبرى للبنية التحتية ومختلف الاستراتيجيات القطاعية، وبإعداد جيل جديد من المخططات القطاعية الكبرى، المتكاملة والمنسجمة، والتي من شأنها أن تشكل دعامة للنموذج التنموي الجديد للمملكة. كما سيتم تفعيل التدابير اللازمة لتحفيز الاستثمار الخاص الوطني والأجنبي من خلال تسريع الإصلاحات الرامية إلى تحسين مناخ الأعمال.

وعلى الصعيد الاجتماعي، ستعطى الأولوية للتفعيل التدريجي لعملية تعميم التغطية الاجتماعية ابتداء من يناير 2021، وفقا لبرنامج عمل دقيق، وسيشكل هذا الورش الجديد رافعة أساسية لإدماج القطاع غير المهيكل في النسيج الاقتصادي الوطني، وسيتم في هذا الصدد الشروع في إصلاح البرامج الاجتماعية الحالية، لا سيما من خلال تفعيل السجل الاجتماعي الموحد (RSU)، لضمان الاستهداف الفعال للفئات المستحقة للدعم، وبالإضافة إلى ذلك، ستتواصل الجهود المبذولة في مجال السياسة الاجتماعية من خلال تنفيذ مختلف الإصلاحات التي تمت مباشرتها تبعا للتعليمات الملكية.

علاوة على ذلك، ومن أجل التأسيس لمثالية الدولة، يطمح مشروع قانون المالية لسنة 2021 إلى تحسين فعالية تدخلات الدولة وعقلنة نمط تسييرها، لا سيما من خلال إطلاق إصلاح شامل للمؤسسات العمومية والمقاولات العمومية بغرض الرفع من فعاليتها الاقتصادية والاجتماعية، وتسريع تنزيل ميثاق اللاتمركز الإداري، ومواصلة تنزيل الجهوية المتقدمة باعتبارها لبنات أساسية للدينامية الترابية، إضافة إلى تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية ودعم التحول الرقمي للإدارة كرافعة لتحسين الخدمات المقدمة للمرتفقين.

ظرفية دولية صعبة

 يأتي مشروع قانون المالية لسنة 2021، حسب المذكرة، في ظرفية دولية صعبة اتسمت بتدهور حاد خلال النصف الأول من سنة 2020، وذلك في ظل التدابير التي اتخذتها عدد من البلدان للحد من انتشار کوفید-19. وحسب أحدث التوقعات الماكرواقتصادية ينتظر رکود حاد خلال سنة 2020، وذلك على الرغم من آفاق انتعاش النشاط الاقتصادي ابتداء من النصف الثاني من هذه السنة. ومع ذلك، من المتوقع أن يدعم الاستئناف التدريجي للنشاط بعد الحجر الصحي، مقترنا بتدابير الإقلاع المهمة، إنعاش الاقتصاد العالمي خلال سنة 2021.

وبالنسبة لاقتصاد منطقة اليورو، الشريك التجاري الرئيسي للمغرب، فقد تأثر بالانخفاض الحاد في نشاط المقاولات والأسر نتيجة لتدابير الحجر الصحي المعتمدة، وعرفت الظرفية الاقتصادية تدهورا حادا في بداية الربع الثاني من سنة

2020، قبل أن تشرع في مرحلة الانتعاش مع الرفع التدريجي لتدابير الحجر الصحي. وبالتالي، يرتقب أن يكون الركود خلال سنة 2020 حادا في فرنسا (9,8-%) وإيطاليا (10,6-%) وإسبانيا (12,8-%) وألمانيا (6-%).

وعلى المستوى الوطني، تأثر النشاط الاقتصادي بشدة بسبب تداعيات الأزمة الصحية وتدابير الحجر الصحي التي فاقمها انخفاض القيمة المضافة الفلاحية ناجمة عن سياق خاص للتساقطات. ومن المتوقع أن ينكمش النمو الاقتصادي الوطني بنسبة 5,8% في سنة 2020، وأن يسجل الناتج الداخلي الخام غير الفلاحي انخفاضا بنسبة 6% بعد 3,5% خلال سنة 2019، ومن المتوقع كذلك أن تنخفض القيمة المضافة للأنشطة غير الفلاحية بنسبة 6,4% بعد 3,8+% خلال سنة 2019، لا سيما على مستوى قطاعات الصناعة والبناء والأشغال العمومية وكذا قطاع السياحة الأكثر تضررا من الجائحة، وتم التخفيف الجزئي من هذا الأداء السلبي بفضل التدابير التي اتخذتها السلطات العمومية لتخفيف التداعيات السلبية للأزمة الصحية، وكذا بفضل صمود بعض فروع القطاع غير التجاري والدينامية الإيجابية لقطاع الاتصالات.

كذلك، وإلى غاية متم شهر غشت 2020، عرفت مداخيل الأسفار انخفاضا كبيرا بنسبة 55,3% بسبب تعليق الرحلات الجوية والأرضية والبحرية في وجه المسافرين منذ شهر مارس 2020، ومن ناحية أخرى، أبانت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج عن نوع من الصمود بتسجيلها انخفاضا طفيفا بلغ 2,3%، ومن جهتها، عرفت التدفقات الصافية للاستثمارات الأجنبية المباشرة انكماشا بـ 28,4% نظرا لانخفاض المداخيل بـ 29,3%، وقد ساهم تراجع النفقات بـ 30,5% في التخفيف من هذا الانخفاض، ومن جهة أخرى، وبفضل تعبئة التمويلات الخارجية من طرف الخزينة بالإضافة إلى السحوبات من خط الائتمان والسيولة لصندوق النقد الدولي، تعززت احتياطات العملة الصعبة بشكل

ملموس لتبلغ 295,5 مليار درهم في متم شهر غشت 2020 (أي بزيادة قدرها 60,3 مليار درهم مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2019) وهو ما يمكن من تغطية ما يعادل 7 أشهر و21 يوما من واردات السلع والخدمات.

أولويات قانون المالية

يحدد مشروع قانون المالية لسنة 2021 الأولويات الثلاث التالية، وهي تسريع تنزيل خطة إنعاش الاقتصاد الوطني، وإطلاق المرحلة الأولى لتعميم التغطية الاجتماعية، وتعزيز مثالية الدولة وعقلنة تدبيرها.

وبالإضافة إلى ذلك، ستعمل الحكومة على الاستعادة التدريجية للتوازنات الماكرواقتصادية، في هذا الصدد، واستنادا إلى الأولويات المذكورة وإلى معطيات الظرفية الوطنية والدولية علاقة بتطورات الأزمة الصحية وتداعياتها، وبناء على فرضیات تحدد محصولا زراعيا من الحبوب يقدر بـ 70 مليون قنطار ومتوسط سعر غاز البوتان في 350 دولارا أمريكيا للطن، تهدف الحكومة، من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2021، إلى تحقيق معدل نمو بنسبة 4,8% ومعدل عجز الميزانية يقدر بـ 6,5% من الناتج الداخلي الخام.

وقدم وزير الاقتصاد والمالية عرضا أمام المجلس الحكومي، أوضح من خلاله أن توجهات قانون المالية ترتكز على ثلاثة محاور، يتعلق المحور الأول بتسريع تنزيل خطة إنعاش الاقتصاد الوطني؛ ستتم ترجمته من خلال مجهود مالي استثنائي، والذي يهدف إلى الحفاظ على مناصب الشغل ودعم السيولة لدى المقاولات من خلال آليات الضمان، وخاصة المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، وفي هذا الإطار تم التوقيع على «ميثاق من أجل الإقلاع الاقتصادي والتشغيل» بين الدولة والقطاع الخاص من أجل تنزيل مخطط شامل ومندمج للإنعاش الاقتصادي، وتم التوقيع، كذلك، على عقود-برامج من أجل إقلاع قطاعات السياحة، وتنظيم المناسبات والحفلات، بالإضافة إلى المقاولات العاملة في فضاءات الترفيه والألعاب. وذلك بهدف ضخ دينامية جديدة بهذه القطاعات والحفاظ على مناصب الشغل، وتم إحداث حساب مرصد لأمور خصوصية، خصه الملك باسم «صندوق محمد السادس للاستثمار»، والذي سيتم تخويله الشخصية المعنوية. حيث ستتركز مهام هذا الصندوق حول دعم الأنشطة الإنتاجية ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية العامة والخاصة، كما تم تعزيز الاستثمار العمومي، ليبلغ 230 مليار درهم، منها 45 مليار درهم ستتم تعبئتها في إطار صندوق محمد السادس للاستثمار.

أما المحور الثاني فيتعلق بالشروع في تعميم التغطية الصحية الإجبارية، خلال سنتي (2021 و2022)، كمرحلة أولى في إطار تنزيل الإصلاح المجتمعي العميق المتعلق بتعميم التغطية الاجتماعية، والذي ستتم مواكبته عبر مراجعة الإطار القانوني والتنظيمي المنظم للتأمين الإجباري عن المرض، ويتعلق الأمر بالقانون 00-65 بمثابة مدونة للتغطية الصحية الأساسية، والقانون رقم 15-98 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بالنسبة لفئات المهنيين، والعمال المستقلين والأشخاص غير المأجورين الذين يمارسون مهنا حرة، وإعادة تأهيل وتطوير البنيات التحتية الاستشفائية، وتبسيط النظام الضريبي للمهنيين ذوي الدخل المحدود من خلال إحداث «مساهمة مهنية موحدة»، إحداث مساهمة اجتماعية للتضامن ستمكن من تحصيل ما يناهز 5 ملايير درهم، سيتم تخصيصها «لصندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي».

ويتعلق المحور الثالث بتعزيز مثالية الدولة وعقلنة أدائها، من خلال الشروع في إصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية والذي يروم خلق التجانس في مهامها والرفع من فعاليتها الاقتصادية والاجتماعية. وهو ما سيتأتى، على الخصوص، عبر حذف بعض المقاولات أو فروعها، والتي لم يعد لتواجدها أي ارتباط بأهداف إحداثها، مع تجميع المؤسسات والمقاولات الناشطة في قطاعات متشابهة داخل أقطاب كبرى. وقد تم إعداد مشروع قانون يتعلق بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، وخلق وكالة وطنية مهمتها التدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة في مختلف المؤسسات والمقاولات العمومية، وتقييم نجاعتها، وقد تم إعداد مشروع قانون في هذا الصدد وسيتم عرضه على المصادقة في القريب العاجل.

وفي ختام عرضه، أشار الوزير إلى أنه من خلال تنفيذ مشروع قانون المالية للسنة المالية 2021، وبناء على مجموعة من الفرضيات المتعلقة بالمحيط الوطني والدولي، سيبلغ معدل النمو في هذه السنة %4,8. من جانب آخر، وأخذا بعين الاعتبار المجهودات التي يتعين بذلها في ما يتعلق بترشيد النفقات، والتدابير المتخذة لتوفير موارد إضافية في إطار مواصلة برنامج الخوصصة والتمويلات المبتكرة والتدبير النشيط لأملاك الدولة، فسيتم تقليص عجز الخزينة إلى %6,5 من الناتج الداخلي الخام مقابل 7,5% سنة 2020، كما أكد الوزير على أن هذا المشروع جاء بتدابير اقتصادية واجتماعية من شأنها أن تعزز منسوب الثقة والتفاؤل لدى الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وكذا لدى المواطنات والمواطنين مع ضرورة تعزيز اليقظة لمواجهة تداعيات أزمة كورونا بفعالية وكذا مع ما يمكن أن ينتج عنها من تأثيرات مستقبلا.

ميثاق من أجل الإنعاش الاقتصادي والتشغيل

تنفيذا للتعليمات الملكية الواردة في الخطاب الذي ألقاه جلالة الملك بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين لعيد العرش والتي تدعو الحكومة ومختلف الفاعلين إلى إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي لما بعد الأزمة، تم خلال الاجتماع التاسع للجنة اليقظة الاقتصادية التوقيع على «میثاق من أجل الإنعاش الاقتصادي والتشغيل»، ويكرس هذا الميثاق الالتزام الجماعي والمشترك بين الدولة والقطاع الخاص والقطاع البنكي حول الأهداف التالية، وهي إنعاش الدينامية الاقتصادية، والحفاظ على التشغيل ودعمه مع الوقاية الصحية للعاملين، وتسريع عملية إدماج القطاع الغير مهيكل، وتشجيع الحكامة الجيدة، ويروم هذا الميثاق اتخاذ تدابير مشتركة بين جميع القطاعات وأخرى خاصة ببعض الأنشطة شديدة التأثر بالأزمة، عبراتفاقيات سيتم إبرامها بين الدولة وممثلي القطاعات المعنية. وفي هذا الإطار، وقعت الحكومة على العقد البرنامج لإقلاع القطاع السياحي للفترة 2020-2022، وبالمثل، تم خلال شهر أكتوبر 2020، إبرام عقد- برنامج لإعادة إقلاع قطاع متعهدي المناسبات والملتقيات ومموني الحفلات، وعقد- برنامج لإعادة إقلاع قطاع الترفيه والألعاب. ويتمثل التزام الدولة، بموجب هذا الميثاق، على الخصوص، في تعبئة غلاف مالي يبلغ 120 مليار درهم يتم ضخه في الاقتصاد الوطني لمواكبة الانعاش الاقتصادي.

ويتوزع هذا المبلغ، على 75 مليار درهم من القروض المضمونة من طرف الدولة لفائدة كافة أصناف المقاولات. وسيشرف على تدبير هذه الآلية للضمان صندوق الضمان المركزي الذي سيتم تحويله إلى شركة مساهمة تحت اسم «الشركة الوطنية للضمان وتمويل المقاولة» تخصص لها الدولة رأس مال أولي يبلغ 5 مليارات درهم، لتغطية مخاطر السداد المتعلقة بالمقاولات المستفيدة، وتتوخى هذه الآلية التمويلية، التي عوضت آلية «ضمان أوكسيجين»، ضمان توفير شروط تمويلية مثلى لجميع المقاولات المتضررة من الجائحة بغرض استئناف وتسريع دورة نشاطها. وتتمحور هذه الآلية خصوصا حول منتوجين للضمان، ويتعلق الأمر ب «إقلاع المقاولات الصغيرة جدا» و«ضمان إقلاع».

وينضاف إلى ذلك منتوج جديد للضمان موجه للمؤسسات العمومية والمقاولات العمومية المتضررة من الجائحة، يخصص حصريا، لصرف مستحقات المقاولات، وخاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة والمقاولات الصغيرة جدا، وذلك لتخفيف الضغط على خزينتها خلال فترة الاستئناف النشاط الاقتصادي.

ورصد مبلغ 45 مليار درهم لفائدة «صندوق محمد السادس للاستثمار»، منها 15 مليار درهم ممولة من طرف الدولة و30 مليارا درهم ستتم تعبئتها لدى المؤسسات الوطنية والدولية. وسيضطلع هذا الصندوق بدور تشجيع الاستثمار ورفع قدرة الاقتصاد الوطني. وسيتدخل هذا الصندوق لدعم القطاعات الإنتاجية ولتمويل ومواكبة المشاريع الكبرى، في إطار الشراكات بين القطاعين العام والخاص، كما تلتزم الحكومة في إطار هذا الميثاق بتحفيز الطلب من خلال الطلبيات العمومية، مع إيلاء أهمية خاصة للأفضلية الوطنية وإعطاء دينامية جديدة لبرنامج «انطلاقة» الذي تم وضعه وفقا للتعليمات الملكية السامية، والذي تتمثل منتوجاته الرئيسية في منتوج «ضمان انطلاق» لفائدة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والشباب حاملي المشاريع والمقاولات المبتكرة والمقاولين الذاتيين وكذا المقاولات الصغيرة المصدرة نحو إفريقيا، ومنتوج «ضمان انطلاق المستثمر القروي» الموجه للمشاريع الفلاحية الصغيرة والمشاريع المنجزة في إطار عملية التمليك.

وفي نفس الإطار، ترتبط الالتزامات الأخرى، بتخصيص موارد الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا «کوفید-19» للدعم الاجتماعي لفائدة بعض القطاعات التي تعرف صعوبات بالرغم من الرفع التدريجي للحجر الصحي، وذلك إلى غاية نهاية السنة الجارية، وتسريع الإصلاحات اللازمة لتحسين مناخ الأعمال لا سيما من خلال تسريع ورش تبسيط المساطر ورقمنتها وتنزيل ميثاق المرافق العمومية وتسريع الشمول المالي عبر تطوير الأداء بالهاتف، وتأهيل منظومة التكوين وتنمية الرأسمال البشري بغرض تحسين ملاءمة التكوين والتشغيل، وتسريع تعديل القانون المتعلق بآجال الأداء والمراسيم ذات الصلة.

وبالنظر إلى الدور المحوري للمقاولات في إنعاش النشاط الاقتصادي وفي تهيئة ظروف الانتعاش، التزم الاتحاد العام لمقاولات المغرب، بصفته ممثلا للقطاع الخاص، بموجب الميثاق المذكور، على الخصوص، بالحفاظ على مناصب الشغل عند مستوى يعادل أو يفوق 80%، وتمتيع الأجراء غير المصرح بهم من الاستفادة من نظام التغطية الاجتماعية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي واحترام المقتضيات التشريعية والتنظيمية السارية في المجال الضريبي والاجتماعي والبيئي.

ومن أجل تأطير الأهداف والأولويات والإشراف على تنفيذ التزامات هذا الميثاق وإجراء التقويمات اللازمة، تم إحداث لجنة للإشراف والتتبع، وتتألف هذه اللجنة من وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة ورئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب ورئيس التجمع المهني لبنوك المغرب.

هذه أبرز التزامات الحكومة في مشروع قانون المالية

سيباشر مشروع قانون المالية لسنة 2021 تنفيذ أوراش الإصلاح والتنمية الكبرى الواردة في خطب الملك بمناسبة عيد العرش وافتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة، وذلك من خلال تسريع تنزيل خطة إنعاش الاقتصاد الوطني من خلال تعبئة جميع الوسائل المتاحة في ما يتعلق بالتمويل وآليات التحفيز وتدابير التضامن.

ولهذه الغاية، ستعمل الحكومة على تفعيل «صندوق محمد السادس للاستثمار»، الذي تم إحداثه تطبيقا للتوجيهات الملكية، وسيخصص لهذا الصندوق، الذي ستخول له الشخصية المعنوية، غلاف مالي يبلغ 45 مليار درهم سيتم ضخه في الاقتصاد الوطني، وسيتم تسريع إرساء جميع الآليات الكفيلة بضمان فعالية تدخلات الصندوق من خلال اللجوء إلى الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى في القطاعات الإنتاجية، لاسيما القطاعات الصناعية الموجهة للتصدير، والفلاحة والعقار والسياحة، فضلا عن مشاريع التحول الصناعي في القطاعات ذات الإمكانات القوية لتعويض المنتجات المستوردة. وبالإضافة إلى ذلك، ستعطى الأولوية للمشاريع التي لها تأثير إيجابي على إحداث فرص الشغل، مع ضمان تعزيز الأفضلية الوطنية، ومواصلة دعم الاستثمار العمومي من أجل مواكبة مختلف الاستراتيجيات القطاعية وأوراش البنية التحتية قيد الإنجاز، مع الحرص على تقييم نجاعة أداء الاستراتيجيات التي بلغت مداها، وذلك بهدف توطيد المكاسب المحققة وإطلاق جيل جديد من المخططات القطاعية الكبرى تقوم على التكامل والانسجام، مع وضع الآليات اللازمة لتحفيز الاستثمار الخاص الوطني والأجنبي، من خلال مواصلة تفعيل الإصلاحات المؤسساتية الرامية إلى تحسين مناخ الأعمال، خصوصا، الميثاق الجديد للاستثمار وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار من أجل تمكينها من الاختصاصات اللازمة للاضطلاع بدورها في تشجيع الاستثمار على المستوى الجهوي وإحداث فرص الشغل.

وستعمل الحكومة على تسريع تنزيل القانون المتعلق بتحويل صندوق الضمان المركزي إلى شركة مساهمة تحت اسم «الشركة الوطنية للضمان وتمويل المقاولة» بغرض تعزيز الاستدامة المالية لنظام الضمان وتوسيع مهامها بهدف تقديم المواكبة اللازمة بالنسبة لمقاولات القطاع الخاص، لاسيما الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة وكذا المقاولات العمومية في ما يتعلق بالولوج إلى التمويل، وإعطاء دينامية جديدة لبرنامج «انطلاقة» بتنسيق مع كافة الشركاء، لتمكين الشباب من الولوج إلى مصادر التمويل الملائمة لحاجياتهم وطموحاتهم في مجال إحداث وتطوير المقولات.

 وتلتزم الحكومة بإطلاق المرحلة الأولى لعملية التعميم التدريجي للتغطية الاجتماعية الشاملة، التي أعلن عنها الملك في خطابيه بمناسبة عيد العرش وافتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة من خلال التعميم التدريجي للتغطية الصحية الإجبارية، على مدى سنتين (2021-2022) والتعويضات العائلية، قبل توسيعها، لتشمل التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل، وذلك على امتداد الخمس سنوات المقبلة. وفي إطار هذه الرؤية، وتطبيقا للتعليمات الملكية، ستعمل الحكومة، بتشاور مع كافة الشركاء المعنيين على استكمال بلورة منظور عملي شامل، يتضمن البرنامج الزمني، والإطار القانوني، وخيارات التمويل. ومن أجل إنجاح هذا الإصلاح العميق، ستتخذ الحكومة التدابير القبلية والمواكبة، والتي تهم بالخصوص، ملاءمة الإطار القانوني المنظم للتغطية الاجتماعية.

وتتعهد الحكومة بإصلاح الأنظمة والبرامج الاجتماعية الحالية وتحسين حكامتها للرفع من تأثيرها المباشر على المستفيدين، خاصة عبر تفعيل السجل الاجتماعي الموحد، مع تعزيز وتقوية المنظومة الصحية الوطنية، من خلال توسيع وتأهيل عرض العلاجات الاستشفائية وتيسير ولوج المواطنين إلى العلاجات بشكل متكافئ وتعبئة موارد بشرية ومالية إضافية من خلال اللجوء إلى آليات التمويل المبتكر وتنويع مصادرها، وتحسين فعالية ونجاعة النفقات الموجهة للصحة وكذا مأسسة الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتحسين حکامة المنظومة الصحية.

موازاة مع هذه التدابير ستواصل الحكومة تنفيذ السياسات الاجتماعية الأخرى.

الرفع من ميزانية القطاعات الاجتماعية.. أولوية المرحلة

تتجه الحكومة من خلال مشروع قانون مالية 2021 إلى زيادة الإنفاق على التعليم والصحة، مع تقليص نفقات أخرى في ظل توقع انخفاض الإيرادات الجبائية. وأشار محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، إلى أن إعداد مشروع قانون مالية العام المقبل يأتي في سياق ارتفاع حدة الأزمة الصحية، وتواصل تأثيراتها على الاقتصاد العالمي واقتصادات شركاء المملكة الدوليين، وعدم وضوح الرؤية بخصوص آفاق تجاوز الأزمة. واعتبر بنشعبون أن العام المقبل سيكون حافلا بالرهانات المرتبطة أساسا، بإطلاق خطة إنعاش الاقتصاد الوطني، وتعميم التغطية الاجتماعية وإصلاح القطاع العام، بالموازاة مع إعطاء الأولوية لقطاعي التعليم والصحة وإصلاح ورش التقاعد.
وترقب وزير المالية انكماش الاقتصاد بـ5.8 في المائة العام الحالي، قبل تحقيق نمو 4.8 في المائة في العام المقبل، في سياق متسم بعدم اليقين في العالم، وأكد على إعطاء الأولوية لقطاعي الصحة والتعليم في مشروع قانون مالية العام المقبل، حيث ستصل النفقات الإضافية التي تهم المعدات والاستثمارات إلى خمسة ملايير درهم، وتوقع الوزير توفير 5500 وظيفة في قطاع الصحة في العام المقبل، بزيادة 1500 وظيفة مقارنة بالعام الماضي، و17000 وظيفة في التعليم، بارتفاع 2000 وظيفة قياسا بالعام 2019، مشددا على أنه هناك أولويات تقتضي إنفاقا إضافيا في حدود 30 مليار درهم في العام المقبل، حيث تشمل النفقات الإضافية ذات الصلة بقطاعي الصحة والتعليم، والنفقات غير قابلة للتقليص ونفقات استدعاها عدد من الأوراش المهمة، خصوصا في ما يتعلق بالإنعاش الاقتصادي والإعفاءات الضريبية للمقاولات وتعميم التغطية الصحية.

وأشار بنشعبون إلى أن من بين النفقات غير القابلة للتقليص تلك التي تهم تنظيم الانتخابات في العام المقبل، حيث ستزيد بـحوالي مليار درهم، في الوقت نفسه، الذي سترتفع النفقات لفائدة الجهات بـمليار وستمائة مليون درهم. وتوقعت الحكومة في سياق انخفاض الإيرادات الجبائية ما بين مليار ونصف المليار وثلاثة ملايير درهم، إلغاء النفقات المتعلقة باستئجار السيارات، وخفض نفقات النقل والسفر داخل المغرب وخارجه والإقامة بالفنادق بنسبة 70 في المائة، وتقليص نفقات الصيانة والتكوين بنسبة 50 في المائة ونفقات الوقود بنسبة 30 في المائة، جذب موارد جديدة عبر تدبير نشط لأملاك الدولة، واللجوء إلى آليات تمويلية جديدة، وتكريس الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وكان المجلس الوزاري المنعقد، الأربعاء الماضي، قرر ضخ ما مجموعه 200 مليار سنتيم إضافية في ميزانية وزارة الصحة، وذلك لتعميم التغطية الصحية. وأفاد بلاغ للديوان الملكي الصادر عقب انتهاء أشغال المجلس الوزاري، بأن الحكومة ستعمل على مواكبة ورش تعميم التغطية الصحية الإجبارية، بتأهيل العرض الصحي، من خلال الرفع من الميزانية المخصصة لقطاع الصحة برسم سنة 2021 بحوالي ملياري درهم (200 مليار سنتيم)، لتبلغ ما يفوق 20 مليار درهم (2000 مليار سنتيم).

ثلاثة أسئلة لعبد الحفيظ أدمينو

(أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط)

1- هل تمكنت الحكومة من تنزيل التوجيهات الملكية الأخيرة في مشروع قانون مالية 2021؟

إنه من الصعب الحسم حاليا في مدى قدرة الحكومة على ترجمة التوجيهات الملكية، التي كانت في الخطب الأخيرة على شاكلة قرارات وإجراءات في مشروع قانون مالية السنة المقبلة، لعدة اعتبارات، أبرزها أن هذه الإصلاحات المنتظرة هي إصلاحات ينتظر أنها ستكون عابرة للزمن الحكومي، فعلى مستوى خطة الإنعاش الاقتصادي، وتعميم التغطية الصحية، وإصلاح القطاع العام، تبقى كلها مشاريع هيكلية تمتد عبر سنوات، وبالتالي فإنها تتجاوز الزمن الحكومي، كما أشرت ونحن في آخر سنة من الولاية التشريعية للحكومة الحالية، غير أنه إذا ألقينا نظرة على مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، نجد أن الحكومة قد قدمت بعض الخطوات العملية التي تصب في مشروع النهوض بالقطاعات الاجتماعية، خصوصا في ما يتعلق بالحماية الاجتماعية، حيث إن هناك حوالي أربعة أو خمسة ملايير درهم، أعلن وزير المالية أنها ستخصص لبداية الشروع في تنزيل هذا الورش الذي أطلقه جلالة الملك في خطاب العرش، وأيضا تركيز قانون المالية على دعم قطاعي الصحة والتعليم، اللذين سيتم الرفع من الميزانية المخصصة لهما بحوالي 5 ملايير درهم، هذا بالإضافة إلى التدابير التي يتضمنها مشروع قانون المالية بخصوص جانب الإنعاش الاقتصادي، خصوصا في ما يتعلق بالتحفيز والإعفاءات الضريبية التي يمكن أن يتضمنها أيضا في ما يخص بعض القطاعات، والحديث هنا عن قطاعي العقار والسياحة.

من المؤكد أن سنة مالية واحدة غير كافية لتحقيق الأهداف، وإن كانت هناك بوادر بداية العمل على عدد من الالتزامات، وهو الأمر الذي يظهر كما أشرت سلفا من خلال قانون مشروع قانون المالية. وأعتقد أن الحكومة التي ستلي الحالية، ستكون مقيدة وملزمة بتكملة ما جاء من أوراش، وقد خطت فيها الحكومة الحالية خطوة الانطلاقة.

2- ماذا بخصوص توقعات الحكومة ببلوغ نمو اقتصادي يعادل 4.5 في المائة في السنة المقبلة؟

إن ما سطرته الحكومة في مشروع قانون المالية يدخل في باب الفرضية الاقتصادية، وهي التي يمكن أن تتحقق ويمكن ألا تتحقق، ووضع هذه الفرضيات خصوصا في الجانب المتعلق بنسبة النمو، والذي سطر مشروع قانون المالية توقعا بأن يبلغ خلال السنة المقبلة 4,5 في المائة كنمو إيجابي، هو مبني على معطيات تتعلق بعدة أمور من بينها طبيعة الموسم الفلاحي المقبل وتقلبات سعر البترول في السوق الدولية، زيادة على توقعات توفير لقاح «كورونا» في منتصف هذا الموسم، بالاضافة إلى تعافي السوق الدولية، وخاصة الشركاء الأوربيين. وفرضيات النمو وغيرها في مشروع قانون المالية، تكون كلها مبنية على هذه الاعتبارات، غير أنه تبقى كما أشرت فرضيات مبنية على أمور متغيرة، فالحالة الوبائية على مستوى العالم تبقى أمرا غير متحكم فيه، وقد لاحظنا كيف أن الجيران الأوربيين أعادوا الإغلاق الجزئي لعدد من المناطق والمدن، كما عادت حالة الطوارئ الصحية في بعض البدان الأوربية، هذا دون إغفال أن قطاعين مهمين هما قطاع السياحة، وتحويلات المغاربة المقيمين في الخارج مرتبطان بهذه الظرفية، وأعتقد أن الحكومة متفائلة في ما يخص هذين الجانبين، لكن يبقى الأمر رهينا بما ستحمله الأشهر المقبلة بطبيعة الحال. وقد لاحظنا كيف أنه في السنة المالية الحالية، اضطرت الحكومة إلى مراجعة قانون المالية بقانون آخر تعديلي، بناء على الظروف الاقتصادية التي فرضتها الجائحة.

3- هل الحكومة قادرة على تنزيل ورش إصلاح القطاع العام، خلال السنة المالية القادمة؟

إن ورش إصلاح القطاع العام وتجميع بعض مؤسسات الدولة في إطار أقطاب كبرى، يعتبر كذلك من الأوراش الكبرى العابرة للزمن الحكومي. وأرى أن الحكومة قد بدأت بخطوات فعلية، من خلال الإعداد لمشروع القانون حول الوكالة الوطنية للتدبير المالي لهذه المقاولات العمومية في المغرب، وهذا إجراء مهم، غير أنه يجب التأكيد على أن مشكلة القطاع العام من المشاكل التي استمرت في الزمن، ويمكن القول إنها برزت منذ التقويم الهيكلي، وبرامج الخوصصة التي بدأناها منذ قانون مالية 1989، وقد كان تركيز الدولة في برامج إصلاح القطاع العام دائما منصبا على «إصلاح الإدارة العمومية»، غير أنه لم تحظ المقاولات ولا المؤسسات العمومية بالأهمية نفسها على مستوى تقويم تدبيرها والحكامة داخلها، وهذا ما أدى إلى أن بعض المؤسسات العمومية ضعفت وأصبحت تتحكم في الجانب الكبير من ميزانية الاستثمار العمومي، وقد وصلت في سنة 2015 إلى 125 مليار درهم، غير أنه بالاستناد إلى تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي صدر في سنة 2016، نجد أنه قد عدد المشاكل والاختلالات التي تعتري تدبير هذه المقاولات والمؤسسات العمومية، لا سيما في ما يتعلق بالالتقائية في التدخل، ومشكل الحكامة، بالإضافة إلى الفروع التابعة لها والتي تكون أحيانا خارج مراقبة الدولة، وبالتالي فكل هذه المشاكل وجب معالجتها. وبحكم أن التوجه العالمي في مجال تدبير القطاعات يتجه عموما نحو عملية «الدمج»، فإنه من المفروض أن تشمل هذه العملية في المغرب بعض المؤسسات العمومية، بل أكثر منها حتى بعض الإدارات العمومية، إذ إن هناك تعدد الوحدات القطاعية داخل الإدارات العمومية، كما هو مثلا في الشأن الاجتماعي، حيث إن هناك أكثر من ثماني مؤسسات عمومية تتدخل في هذا الجانب، بالإضافة إلى عشرة قطاعات حكومية.


إقرأ أيضا