ملف.. هكذا تقود لجنة اليقظة الاقتصادية الحرب ضد كورونا - تيلي ماروك

ملف - لجنة اليقظة الاقتصادية - كورونا ملف.. هكذا تقود لجنة اليقظة الاقتصادية الحرب ضد كورونا

ملف.. هكذا تقود لجنة اليقظة الاقتصادية الحرب ضد كورونا
  • 64x64
    تيلي ماروك
    نشرت في : 12/05/2020

منذ ظهور الحالات الأولى لوباء كورونا، أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، عن إنشاء لجنة اليقظة الاقتصادية لتتبع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للوباء، واتخاذ الإجراءات والتدابير الضرورية المواكبة، وذلك في إطار المجهودات الاستباقية التي تقوم بها الحكومة لمواجهة الانعكاسات الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للوباء على الاقتصاد الوطني. وتعمل اللجنة، من خلال آليات مضبوطة للتتبع والتقييم، على رصد آنٍي للوضعية الاقتصادية الوطنية، كما تعمل على تحديد الأجوبة المناسبة في ما يتعلق بمواكبة القطاعات الأكثر عرضة للصدمات الناجمة عن الأزمة الصحية. وعقدت اللجنة عدة اجتماعات توجت باتخاذ قرارات مهمة لصالح المواطنين المتضررين ولتخفيف أضرار النسيج الاقتصادي الوطني.

كشف وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، في آخر خروج له أمام البرلمان، عن مداخيل الصندوق الخاص لتدبير ومواجهة جائحة فيروس كورونا، والتي بلغت ما مجموعه 32 مليار درهم. وتم تخصيص جزء من مداخيل الصندوق لتقديم الدعم اللازم للاقتصاد الوطني لامتصاص الصدمات السلبية التي سبّبها هذا الوباء في ما يخص انخفاض أو توقف النشاط في بعض القطاعات وفُقدان مناصب الشغل الناتج عنهما. ووضعت لجنة اليقظة الاقتصادية مجموعة من التدابير للتخفيف من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة فيروس كورونا، اعتماداً على نظام الرصد الاستباقي، ويتعلق الأمر بمنح تعويض شهري جزافي لفائدة الأجراء المصرح بهم في القطاع المهيكل وكذا الاسر العاملة في القطاع غير المهيكل.

وتضم لجنة اليقظة الاقتصادية، التي يتولى وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة تنسيق أشغالها، بين أعضائها كلا من وزارة الداخلية، ووزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، كما تضم اللجنة في عضويتها وزارة الصحة، ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، ووزارة التعمير والإسكان وسياسة المدينة، ووزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، ووزارة الشغل والإدماج المهني، وبنك المغرب، والتجمع المهني للأبناك المغربية، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، واتحاد غرف التجارة والصناعة والخدمات بالمغرب، وجامعة غرف الصناعة التقليدية. وسيعمل مختلف أعضاء اللجنة، كل في مجال تدخله، على وضع آليات رصد قطاعية، وذلك بتنسيق مع جميع الفرقاء المعنيين.

الدعم الاجتماعي

قررت اللجنة منح تعويض شهري جُزافي صاف بقيمة 2000 درهم خلال الفترة الممتدة من 15 مارس إلى 30 يونيو 2020، إضافة إلى التعويضات العائلية وخدمات التأمين الصحي الإجباري، لفائدة الأجراء المنخرطين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، المتوقفين مؤقتا عن العمل والمنتمين للمقاولات المنخرطة في هذا الصندوق التي توجد في وضعية صعبة نتيجةً لجائحة فيروس كورونا. وتم اعتماد مرسوم يحدد شروط وقواعد الاستفادة من هذه التعويضات، موازاة مع تبسيط مساطر التصريح، بحيث يمكن القيام بالتصريحات أسبوعيًا ابتداء من أبريل 2020، كما يمكن لهؤلاء الأجراء الاستفادة من تأجيل سداد القروض البنكية (قروض الاستهلاك وقروض السكن) إلى غاية 30 يونيو 2020.

وبحسب الأرقام التي تمّ تحصيلها إثر التصريحات التي تم الإدلاء بها عبر بوابة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) للاستفادة من التعويضات التي تم منحها لمنخرطيها المتضررين، فإن 132 ألف مقاولة من أصل 216 ألفا المنخرطة في الصندوق أقرت بأنها تضررت بفعل هذه الجائحة، وصرحت بما يفوق 800 ألف أجير ومستخدم متوقف مؤقتا عن العمل، مبرزا أنه يتوقع أن يصرف الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورونا حوالي ملياري درهم شهريا.

وتم، كذلك، تخصيص دعم لفائدة الأسر المتوفرة على بطاقة نظام المساعدة الطبية «راميد» والمتضررة من تداعيات الحجر الصحي المطبق، بتعويض يتراوح بين 800 درهم و1200 درهم وذلك حسب عدد أفراد الأسرة، وبلغ عدد الأسر المعنية بالمساعدة بعد مراقبة اتساق التصريحات حوالي مليونين و300 ألف مثّل فيها العالم القروي 38 بالمائة.

وتم تخصيص دعم للأسر التي تعمل في القطاع غير المهيكل ولا تستفيد من خدمة «راميد»، يهم تعويضا بالمبالغ نفسها التي استفادت منها نظيرتها التي تتوفر على بطاقة «راميد»، وبلغ عدد الأسر المعنية بالمساعدة حوالي مليوني أسرة، وتم الشروع في توزيع هذا الدعم فعليا انطلاقا من يوم 23 ابريل الماضي.

تدابير لفائدة المقاولات

إلى جانب التدابير المتخذة لفائدة الأجراء المتوقفين مؤقتا عن العمل والأسر العاملة في القطاع غير المهيكل، أقرت لجنة اليقظة الاقتصادية مجموعة من التدابير لفائدة المقاولات المتضررة جراء هذه الجائحة، وخاصة المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة والمهن الحرة. وتحدث الوزير عن التدابير المتخذة، وهي منح تعويض شهري جُزافي صاف بقيمة 2000 درهم لفائدة الأجراء المنخرطين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، المتوقفين مؤقتا عن العمل موازاة مع تعليق أداء المساهمات الاجتماعية إلى غاية 30 يونيو 2020، وتأجيل سداد القروض البنكية وتلك المتعلقة بقروض الإيجار (leasings) حتى 30 يونيو، وتفعيل خط ائتماني إضافي للقروض من طرف صندوق الضمان المركزي لفائدة المقاولات التي تدهورت خزينتها بسبب تراجع نشاطها، بما في ذلك المقاولات العاملة في قطاع العقار.

وعرفت هذه التدابير إقبالاً كبيرا سواء من طرف الأشخاص الذاتيين أو من لدن المقاولات، حيث بلغت طلبات تأجيل سداد القروض البنكية وتلك المتعلقة بقروض الإيجار ما مجموعه 416 ألف طلب تهم 33 مليار درهم تمت معالجة وقبول 310 آلاف طلب ورفضت 5 في المائة منها ولازالت باقي الطلبات في طور الدراسة. وفي ما يهم القروض الإضافية المضمونة من طرف الدولة عبر ضمان أكسجين، الذي تم إحداثه لمساندة المقاولات التي لا يتعدى رقم معاملاتها 500 مليون درهم، فقد بلغت 9 آلاف قرض بمبلغ إجمالي يفوق 3,7 ملايير درهم رُفض منها 124 طلبا، أي أقل من 1.5 بالمائة، بالإضافة إلى تمكين المقاولات التي يقل رقم معاملاتها للسنة المالية 2019 عن 20 مليون درهم، من الاستفادة من تأجيل وضع التصريحات الضريبية حتى 30 يونيو 2020 إذا رغبت في ذلك، وتعليق المراقبة الضريبية والإشعار لغير الحائز (ATD) حتى 30 يونيو المقبل.

ومن بين التدابير المتخذة، تأجيل تاريخ التصريح بالمداخيل بالنسبة للأشخاص الذاتيين الذين يرغبون في ذلك، من أخر أبريل إلى 30 يونيو 2020، وإقرار الإعفاء من الضريبة على الدخل لكل تعويض صُرِف لفائدة المأجورين المنخرطين بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من طرف مشغليهم في حدود 50 في المائة من الراتب الشهري الصافي المتوسط، وكذلك تجنيب المقاولات الحاصلة على صفقات عمومية، غرامات التأخر في الإنجاز الذي لا تتحمل مسؤوليته، وتمكين الشركات المجهولة الاسم من عقد اجتماع أجهزتها التداولية عن بعد في ظروف الحجر الصحي، ولاسيما في ما يتعلق بحصر الحسابات. كما تم وضع قرض بدون فائدة رهن إشارة المقاولين الذاتيين المتضررين من أزمة «كوفيد 19» يمكن أن يصل إلى 15 ألف درهم. ويمكن تسديد هذا القرض، الذي سينطلق تفعيله ابتداء من اليوم، على مدى 3 سنوات مع فترة سماح مدتها سنة واحدة، فضلا عن إقرار معالجة محاسباتية استثنائية للتبرعات والتكاليف المرتبطة بفترة حالة الطوارئ الصحية بتوزيعها على مدى 5 سنوات.

خطة إنعاش الاقتصاد

تم التوافق، في إطار لجنة اليقظة الاقتصادية، على منهجية للتفكير الاستباقي تنبني على وضع السيناريوهات الممكن تنفيذها بالنسبة للمرحلتين القادمتين، وتتعلق المرحلة الأولى بالعودة التدريجية لمختلف القطاعات إلى ممارسة أنشطتها في إطار التنسيق مع استراتيجية رفع حالة الطوارئ الصحية، في حين تتعلق المرحلة الثانية بتنزيل الآليات الملائمة والمتجددة التي ستمكن من وضع الاقتصاد الوطني في منحى للنمو القوي والمستدام، في مرحلة ما بعد أزمة كوفيد-19. ويبقى الهدف الأساسي لهذه السيناريوهات، حسب ما أعلنه وزير الاقتصاد والمالية، هو إعادة النشاط الاقتصادي في أقرب وقت في احترام تام لما سيتم اتخاذه من تدابير لرفع حالة الطوارئ الصحية، وتحقيق شروط الإقلاع الاقتصادي من خلال استغلال كل الهوامش على مستوى تعبئة الموارد بما في ذلك الهوامش المتاحة على مستوى الدين العمومي، وينبغي، في الوقت نفسه، يضيف الوزير، توجيه الإنفاق العمومي نحو الأولويات التي تفرضها هذه المرحلة على مستوى دعم الطلب الداخلي، ولكن، كذلك، دعم العرض والإنتاج وتطوير القيمة المضافة المنتجة محليا.

وأعلنت اللجنة، خلال انعقاد اجتماعها السادس، أنها شرعت في الانكباب على بلورة خطة إنعاش شمولية ومتناسقة للاقتصاد الوطني، وأوضح بلاغ لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أن خطة الإنعاش هذه ستعتمد على بلورة خطط إنعاش على المستوى القطاعي، تأخذ بعين الاعتبار الفترة الخاصة لإعادة استئناف كل قطاع من هذه القطاعات لنشاطه حسب خصوصياته، مضيفا أن أعضاء لجنة اليقظة الاقتصادية قاموا بترسيم المبادئ الرئيسية للخطة الشمولية وآليات الدعم الأفقية الكفيلة بتحقيق الإنتعاش المرتبط بها.

وأكد المصدر ذاته أن اللجنة ستتدارس، على وجه الخصوص، آليات التمويل طويلة الأجل، الملائمة لكل قطاع بغية دعم إنعاش المقاولات الكبرى، مشروطة بالاستفادة من تقليص آجال الأداء، وكذلك مواكبة استئناف أنشطة المقاولات الصغيرة والمتوسطة والمقاولات الصغرى العاملة في مختلف القطاعات الإنتاجية. وأضاف البلاغ أنه سيتم، أيضا، التداول بشأن آليات تحفيز الطلب خلال الاجتماعات القادمة للجنة، مع إيلاء اهتمام خاص لتعزيز المنتوج/المحتوى المحلي، وتابع أنه وقع اتفاق أعضاء اللجنة على محتوى وأهداف الخطط القطاعية التي يجب تكييفها حسب الخصائص المحددة لكل قطاع، مشيرا إلى أن خطط الإنعاش القطاعية هذه ستخضع، بمجرد بلورتها في صيغتها النهائية، لتقييم اللجنة في أفق توحيدها وضمان تناسقها في إطار خطة الإنعاش الشمولية التي سيتم الإعلان عنها قبل نهاية حالة الطوارئ الصحية.

وتميزت أشغال هذا الاجتماع بعرض الوضعية الاقتصادية والمالية الشاملة للمغرب بناء على أحدث المؤشرات المحينة للظرفية الاقتصادية. ومكن تحليل هذه المؤشرات من الوقوف على تطور الوضعية الماكرواقتصادية في بلادنا وكذا تطورات الظرفية المسجلة على مستوى القطاعات الإنتاجية الرئيسية. وأضافت الوزارة أن لجنة اليقظة الاقتصادية أخذت علما بدليل (KIT) تقدم به الاتحاد العام لمقاولات المغرب لاستئناف الأنشطة، وأشادت به، مشيرة إلى أنه هو الذي يجب أن يوجه الإجراءات الوقائية والصحية للمقاولات لضمان أقصى قدر من السلامة لأجرائها وزبنائها.

وخلص البلاغ إلى أن أعضاء اللجنة شددوا، في ختام هذا الاجتماع، على التزامهم بالعمل من أجل خلق الظروف الملائمة لاستئناف الأنشطة الاقتصادية، مع ضمان أن يتم ذلك في ظل الامتثال الكامل للمتطلبات اللازمة من حيث الأمن الصحي وما يرتبط بذلك من الحفاظ الكامل على صحة المواطنين التي تظل في صلب أولويات المغرب.

مخطط استعجالي لإنقاذ مليون منصب شغل بقطاع الإسكان والتعمير

تشتغل وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، بشكل تشاوري مع فرقائها على إعداد مخطط استعجالي وبرنامج عمل مستقبلي يهدفان إلى دعم المقاولات وتأهيلها للانخراط في الإقلاع الاقتصادي لبلادنا، بعد اجتياز الظرفية الراهنة التي تتسم بالتداعيات الاقتصادية والاجتماعية لأزمة جائحة كورونا.

وحسب مصادر من الوزارة، فإن هذا المخطط يهدف إلى تفادي كل الانعكاسات والآثار الاجتماعية والاقتصادية على القطاع، لأنه يعتبر من أهم ركائز الإقلاع الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، ويوفر ما يناهز مليون منصب شغل تهم أساسا اليد العاملة البسيطة.

وأكدت الوزيرة، نزهة بوشارب، أن التحدي الحقيقي لتجاوز هذه الجائحة هو ضمان السلامة الصحية للجميع والتقيد بالإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات العمومية، وكذلك تبسيط تدابير تنظيم وتيرة الاشتغال والتنقل والحركة، علاوة على الحفاظ وتعزيز النفقات العمومية، وذلك عبر إطلاق مبادرات وبرامج جديدة لاسيما المتعلقة بالسكن الاجتماعي، محاربة البنايات الآيلة للسقوط ودور الصفيح، وكل ذلك للتمكن من الانخراط في النهوض بهذا القطاع الذي يعتبر من الدعائم الأساسية للإقلاع الاقتصادي وإحدى ركائز الاستقرار الاجتماعي ببلادنا.

تدابير إجرائية وقائية

حسب مصادر من الوزارة، فقد بادرت هذه الأخيرة، منذ الإعلان عن بداية ظهور أول حالة لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) بالمغرب يوم 2 مارس 2020، وإعلان حالة الطوارئ الصحية يوم 20 مارس 2020، إلى اتخاذ مجموعة من التدابير الإجرائية الوقائية بشكل تدريجي وفق مقاربة تشاورية وتشاركية مع مختلف الفاعلين ومهنيي القطاع. وانخرطت الوزارة بشكل قوي في هذا المجهود الوطني التضامني للتصدي لتداعيات هذه الظرفية الصحية وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بالتقيد بالتوجيهات الملكية الهادفة إلى تعزيز الإجراءات الاحترازية لتفادي انتشار العدوى والتخفيف من التبعات الاقتصادية والاجتماعية السلبية لهذا الانتشار.

وبادرت الوزارة إلى اتخاذ رزنامة من التدابير والإجراءات الوقائية في مقرات العمل مركزيا وجهويا وإقليميا لضمان السلامة الصحية للموظفين والمرتفقين، مع اعتماد تقنيات وآليات الاشتغال عن بعد من أجل المحافظة على استمرارية الخدمة العمومية.

وأوضحت المصادر أنه، بالنظر إلى ما سجلته برامج الإسكان والتعمير من تراجع جراء هذه الأزمة، من قبيل البطء الكبير في تنزيل البرامج الاجتماعية مثل «مدن بدون صفيح» و«تأهيل المباني الآيلة للسقوط» و«التأهيل الحضري»، لأسباب مختلفة تهم قلة اليد العاملة وصعوبة تزويد الأوراش المفتوحة بمواد للبناء، سخرت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة كل إمكاناتها البشرية ووسائلها اللوجيستكية من أجل الحد من تداعيات هذه الوضعية غير المسبوقة. فقد تم تشكيل عدة لجان يقظة على المستوى المركزي وعلى المستوى المحلي، وأخرى مختلطة تضم الفاعلين العموميين والخواص لمتابعة تطور الأوضاع واقتراح التدابير اللحظية المناسبة. وتفعيلا لهذه التدابير، تم اعتماد عدد من الإجراءات على صعيد جل الوكالات الحضرية تهم رقمنة الخدمات والاستجابة السريعة لطلبات عموم المواطنين والشركاء والفاعلين الاقتصاديين.

أما في ما يتعلق بالأنشطة المرتبطة بالبناء، الذي يمثل 6 في المائة من الناتج الداخلي الخام، فقد تم، وبشكل تشاوري مع كل الفاعلين المعنيين والخواص، إصدار «إعلان التضامن الوطني» المتعلق بهذا القطاع، حيث التزمت كل الأطراف الموقعة على الإعلان بالمحافظة قدر الإمكان على مناصب الشغل الحالية، بالمساهمة في الصندوق الخاص بتدبير جائحة كوفيد-19 وبضمان شروط الوقاية والسلامة الصحية بأوراش البناء.

آثار اجتماعية واقتصادية

حسب معطيات الوزارة، تتجلى الآثار الاجتماعية والاقتصادية لهذه الظرفية، في تراجع العرض والطلب السكني، وبالتالي حرمان عدد من فئات المجتمع، لا سيما الهشة منها والطبقة الوسطى، من الولوج إلى سكن لائق، علاوة على احتمال انتشار الأنسجة العمرانية العشوائية في ضواحي المدن، وفرضية تراجع إنتاج الإسمنت وباقي مواد البناء، مع ما لذلك أيضا من انعكاسات على باقي الأنشطة المرتبطة بالإنعاش العقاري (المهندسين المعماريين، مكاتب الدراسات، الموثقين، العدول والوكلاء العقاريين وغيرهم).

ومنذ الإعلان عن بداية الحجر الصحي ببلادنا للحد من تفشي وباء كورونا «كوفيد19»، أحدث توفيق كميل، رئيس الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، خلية أزمة داخل الفيدرالية للرصد والتتبع، وذلك بهدف تقييم آثار الأزمة على القطاع العقاري، وبالتالي اقتراح الإجراءات المناسبة على الوزارة الوصية.

وأكدت الفدرالية أنها اشتغلت إلى جانب وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، طيلة هذه الفترة العصيبة، على طرح جميع التداعيات التي أصابت قطاع العقار بشكل عام. وأوضح بلاغ للفدرالية أن «الوزيرة تفاعلت بشكل إيجابي مع مقترحاتنا واستجابت لها، حيث شاركنا إلى جانبها في وضع الآليات المناسبة للتخفيف من آثار هذه الأزمة الجديدة على القطاع».

ومكنت هذه الاجتماعات من اتخاذ العديد من التدابير والإجراءات المهمة، منها إقرار عودة نشاط التوثيق من خلال معالجة الملفات لدى الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، بطريقة رقمية، ومعالجة رقمية لمختلف الملفات المعروضة أمام الإدارات التابعة للوزارة، واعتبار قطاع العقار واحدا من القطاعات التي تواجه صعوبات كبرى جراء انعكاسات الأزمة الحالية على مختلف أنشطته، وتمكين الفاعلين في القطاع من الولوج إلى آلية التمويل «ضمان أوكسجين»، مع وضع دليل صحي تحسيسي خاص بالقطاع داخل مختلف أوراش البناء، والتشاور بخصوص وضع مخطط لإنعاش القطاع خلال وبعد الأزمة الحالية.

تدابير استثنائية للتخفيف من تداعيات كورونا على المقاولات

اتخذت لجنة اليقظة الاقتصادية مجموعة من الإجراءات الاستثنائية الجديدة لفائدة المقاولات والأشخاص الذاتيين، في إطار التدابير المتخذة لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا.

وقررت اللجنة تأجيل آجال التصريح بالدخل بالنسبة للأشخاص الذاتيين الذين يرغبون في ذلك من متم أبريل إلى 30 يونيو 2020. وأوضحت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، في بلاغ لها، أن اللجنة قررت أيضا، في هذا الاجتماع الذي تم خلاله التأكيد على ضرورة دراسة إطلاق سلسلة جديدة من التدابير في ضوء التطورات المستجدة، إعفاء أي تعويض تكميلي يدفعه أرباب العمل لفائدة المأجورين (المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) من الضريبة على الدخل، في حدود 50 في المائة من متوسط الراتب الشهري الصافي. وعلى الصعيد الإداري، أحاطت اللجنة علما بتدابير المرونة التي تهدف إلى تفادي تحمل المقاولات الحاصلة على الصفقات العمومية غرامات التأخير نتيجة تأخير لا يعزى إليها.

تعاون وثيق بين الدولة والمقاولات

أشارت الوزارة إلى أنه، على مستوى حكامة المقاولات مجهولة الاسم، يجري وضع مشروع قانون لإدراج المرونة اللازمة التي تسمح بشكل خاص بعقد اجتماعات الهيئات التداولية عن بعد خلال فترة الطوارئ الصحية، سيما في ما يتعلق بإقفال الحسابات. وشددت لجنة اليقظة الاقتصادية على أن قدرة الاقتصاد المغربي على تجاوز هذه الأزمة تمر لزاما عبر التعاون الوثيق بين الدولة والمقاولات. وأوضحت الوزارة أن هذا التعاون سيتطلب، من جانب المقاولات، التحلي بحس المسؤولية الحقيقية، مشيرة، في هذا الصدد، إلى أن اللجنة ستسهر على التقيد بقواعد منح المساعدات للمقاولات في وضعية صعبة، وأوضحت بهذا الخصوص أنه «يجري استكمال الصيغة النهائية لمرسوم يوضح الشروط الجديدة لمنح هذه المساعدات».

وبالموازاة مع الإجراءات والتدابير المتخذة على المدى القصير للاستجابة لحالات طوارئ الأزمة الصحية، وافقت اللجنة على منهجية توجيهية لتفكير استشرافي يرمي إلى وضع سيناريوهات مستدامة للمرحلتين المقبلتين، لإعادة التشغيل التدريجي لمختلف قطاعات الأنشطة والانتعاش القوي للاقتصاد الوطني، وسيجري تحديد الوسائل التي ستتم تعبئتها لكل سيناريو.

وبحث اجتماع العمل الرابع للجنة تطور الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد، وكذا للحصيلة الأولى لتنفيذ الإجراءات المتخذة حتى الآن. وأظهر تحليل أحدث المؤشرات الاقتصادية المتاحة أن أداء مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني في مواجهة أزمة كوفيد-19 لم يكن متجانسا، إذ تأثرت بعض فروع الأنشطة، ولا سيما التي تعتمد على الطلب الأجنبي والتي تم إيقافها بقرار من السلطات العمومية، تأثرا شديدا، بينما حافظت فروع أخرى على ديناميتها، مستفيدة من التدابير المتخذة من أجل الحفاظ على مناصب الشغل ودعم القوة الشرائية أو استمرارية الطلب الدولي.

من جهة أخرى، تدارست لجنة اليقظة الاقتصادية الحصيلة الأولى لتدابير الدعم الموجه للمقاولات في وضعية صعبة، وللمستخدمين المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأرباب الأسر العاملين في القطاع غير المهيكل، بدعم من الصندوق الخاص لتدبير جائحة كوفيد-19، تبعا للتعليمات الملكية. وفي هذا الصدد، سجل جميع الأعضاء التفعيل الناجع لهذه التدابير بفضل التعبئة القوية والجهود المبذولة من طرف جميع الجهات المعنية، تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك.

تجنب تطبيق غرامات التأخير

في إطار التدابير المتخذة للحد من جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة عن مجموعة من الإجراءات الرامية إلى تجنب تطبيق غرامات التأخير في حق المقاولات الحاصلة على الصفقات العمومية نتيجة لتأخير لا يعزى إليها. وأوضح بلاغ للوزارة أن هذه الإجراءات تهم على الخصوص اعتبار الأثر المترتب عن حالة الطوارئ الصحية وإجراءات الحجر الصحي المطبقة على الأفراد خارجا عن إرادة المقاولات الحاصلة على الصفقات، في ما يخص تنفيذ الصفقات العمومية، ويندرج بالتالي في إطار حالات القوة القاهرة.

وفي هذا الصدد، دعت الوزارة أصحاب المشاريع التابعين لإدارات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية وباقي الهيئات الخاضعة للمراقبة المالية للدولة، إلى الموافقة على طلبات المقاولات التي تثير القوة القاهرة، بسبب إجراءات حالة الطوارئ والحجر الصحي المتخذة من قبل السلطات العمومية، دون الأخذ بعين الاعتبار أجل سبعة أيام لتقديم طلباتها في الموضوع. وأضاف البلاغ أن الأمر يتعلق أيضا بإقرار تمديد الآجال التعاقدية، بواسطة عقد ملحق، سواء بالنسبة لصفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات، وذلك في حدود مدة الطوارئ الصحية.

وأعلنت لجنة اليقظة الاقتصادية إحداثها للجنة مكلفة بالبت في ملفات المقاولات التي أعلنت عن توقف أكثر من 500 أجير عن العمل مؤقتا أو تسجيل انخفاض في رقم معاملاتهم بنسب تتراوح بين 25 في المائة و50 في المائة، وذلك بعدما اعتمدت المرسوم الذي ينص على الشروط الجديدة للاستفادة من تدابير استثنائية لفائدة أرباب العمل المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) وكذا أجرائهم المصرح بهم.

وقالت لجنة اليقظة الاقتصادية، في بلاغ صحفي، إن هذه اللجنة تتكون من ممثلين عن الوزارات المكلفة بالاقتصاد والمالية والتشغيل والقطاعات المعنية، والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وستجتمع كل يوم في الساعة الثانية بعد الزوال للبت في الملفات المصرح بها في اليوم السابق عبر البوابة المخصصة لذلك من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

تدابير خاصة لمواجهة آثار «كوفيد-19» على قطاع السياحة

يوجد قطاع السياحة على رأس القطاعات الأكثر تضررا من جائحة فيروس كورونا، بسبب إغلاق الحدود ومنع التنقل بين المدن، ولذلك اتخذت لجنة اليقظة الاقتصادية العديد من التدابير والإجراءات لفائدة القطاع والعاملين به. وكشفت نادية فتاح العلوي، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجهوي والاقتصاد الاجتماعي، بمجلس النواب، أن قطاع السياحة تكبد خسائر جسيمة، بسبب الإجراءات والتدابير المتخذة على الصعيد العالمي لمواجهة تفشي فيروس كورونا.

وكشفت الوزيرة في عرض قدمته أمام لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، حول «وضعية القطاع والإجراءات المتخذة لمواجهة تداعيات كوفيد- 19»، أن معدلات الملء بمختلف الوجهات السياحية عرفت تراجعا كبيرا، حيث وصلت بالمغرب إلى ناقص 81 في المائة، وأرجعت سبب ذلك إلى القيود الصحية، التي كان لها تأثير كبير على وصول السياح إلى المراكز الحدودية في نهاية شهر مارس الماضي، حيث تم تسجيل انخفاض بنسبة 70 في المائة من عدد الوافدين خلال شهر مارس، ما أدى إلى إغلاق 3465 مؤسسة للإيواء السياحي، وما زالت فقط 520 مؤسسة تشتغل، بنسبة إغلاق بلغت 87 في المائة. وأكدت الوزيرة أن توقف النشاط السياحي كان له تأثير مباشر على ميزان المدفوعات وعلى التوازنات الاقتصادية ومناصب الشغل، وأبرزت أن قطاع السياحة يعد أكثر القطاعات تضررا من تداعيات الوباء، حيث الخروج من الأزمة قد يستغرق مدة طويلة، وتفيد المؤشرات بأنه رغم استئناف النشاط السياحي، سيكون ذلك بشكل حذر وتدريجي، لذلك سيتم توجيه المجهودات في المقام الأول لتشجيع السياحة الداخلية.

مواكبة المقاولات والشركات السياحية

قالت العلوي إن الوزارة تعمل جاهدة لمواكبة المقاولات والشركات السياحية لمواجهة الأزمة، وتعقد مشاورات متواصلة مع مختلف مهنيي القطاع، بغية ترتيب الأولويات وتوجيه الجهود نحو تصميم الإجراءات الأكثر فعالية لدعم الشركات السياحية خلال هذه الأزمة وبعدها، كما تشارك الوزارة أيضا على المستوى الدولي في العديد من مجموعات العمل التابعة لمختلف المنظمات الدولية، مما يمكنها من أن تسترشد بأفضل التدابير المتخذة على المستوى الدولي، وتتبع التوجيهات الدولية للخروج من الأزمة وإنعاش القطاع.

ووعيا بالتحديات المستقبلية لإطلاق دينامية جديدة للقطاع، قامت الوزارة وبفضل المقاربة التشاركية مع التمثيليات المهنية، بتحديد عدد من الأوراش لا تستدعي رصد أي ميزانية إضافية، وستهم المجال التشريعي باقتراح إطار قانوني يسن أحكام خاصة تتعلق بعقود الأسفار والمقامات السياحية وعقود النقل الجوي للمسافرين، ويهدف هذا الإطار القانوني إلى الحد من جميع أشكال توقف النشاط الاقتصادي، وتأثيره على مناصب الشغل وذلك من خلال تخفيف الضغط على خزينة مقدمي الخدمات. كما يسعى الإطار القانوني، حسب الوزيرة، إلى تجنب خطر إفلاس مقدمي الخدمات المغاربة وحماية مصالح الدائنين سيما الزبناء، وتحفيز الطلب والحفاظ على قيمة المعاملات بالمغرب، وذلك خلال تجنب الأداء المرتقب دفعها بالعملة الصعبة.

وفي المجال الاجتماعي تعتزم الوزارة تمكين المرشدين السياحيين من التغطية الصحية، حيث يتم حاليا مناقشة الجوانب التقنية مع الأطراف المعنية، وذلك بعد استفادتهم من التدابير الاجتماعية التي سنتها لجنة اليقظة الاقتصادية، وفي هذا الإطار شددت الوزيرة على أن مهنة المرشد السياحي تشكل حلقة أساسية في العرض السياحي الوطني، حيث إن المرشد السياحي يلعب دورا مهما في تثمين التراث الطبيعي والثقافي، ونظرا لخصوصية هذه المهنة، تمكن المرشدون من الاستفادة من التدابير الاجتماعية التي سنتها لجنة اليقظة الاقتصادية.

تدابير لصالح العاملين بالقطاع

بخصوص التدابير العامة التي استفاد منها العاملون بالقطاع، كشفت الوزيرة عن تعليق أداء المساهمات الاجتماعية لصندوق الضمان الاجتماعي من شهر مارس الماضي إلى يونيو المقبل، وتأجيل سداد القروض إلى 30 يونيو المقبل دون رسوم أو غرامات، وتأجيل التصريحات الضريبية وسداد الضرائب المستحقة حتى يونيو المقبل، وذلك بالنسبة إلى المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا، التي تواجه صعوبات. وبالنسبة إلى المقاولات ذات رقم معاملات أقل من 20 مليون درهم، تم وضع خط تمويلي إضافي لقرض الاستغلال مضمون من صندوق الضمان المركزي ضمان «أكسجين»، وبالنسبة إلى المقاولين الذاتيين المتضررين، وضع قرض بدون فائدة لفائدتهم، مع فترة سداد تصل إلى 3 سنوات وفترة سماح لمدة سنة واحدة، ويتحمل قطاع التأمينات الفوائد ذات الصلة بالكامل. وبالنسبة إلى الأجراء فقد شملتهم إجراءات التعويض عن التوقف عن العمل المقدمة من طرف صندوق تدبير الجائحة، للمصرح بهم في صندوق الضمان الاجتماعي، والإجراءات الأخرى الموجهة للعاملين في القطاع غير المهيكل.

وصادق مجلس الحكومة على مشروع قانون بسن أحكام خاصة تتعلق بعقود الأسفار والمقامات السياحية وعقود النقل الجوي للمسافرين، ويندرج مشروع هذا القانون الذي تقدمت به نادية فتاح العلوي، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، ضمن التدابير التي تم اتخاذها تطبيقا للمادة 5 من المرسوم بقانون المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، والذي خول للحكومة أن تتخذ بصفة استثنائية الإجراءات اللازمة، والتي من شأنها الإسهام بكيفية مباشرة في مواجهة الآثار السلبية المترتبة عن إعلان حالة الطوارئ الصحية.

ويتعلق الأمر بوضع إطار قانوني يسمح لمقدمي خدمات الأسفار والسياحة والنقل السياحي والنقل الجوي للمسافرين بتعويض المبالغ المستحقة لزبنائهم على شكل وصل بالدين يقترح خدمة مماثلة أو معادلة، دون أي زيادة في السعر، وذلك بهدف الحد من جميع أشكال توقف النشاط الاقتصادي وتأثيره على مناصب الشغل، وذلك من خلال تخفيف الضغط على خزينة مقدمي الخدمات، وتجنب خطر إفلاس مقدمي الخدمات المغاربة وحماية مصالح الدائنين، سيما الزبناء، وتحفيز الطلب والحفاظ على قيمة المعاملات بالمغرب وذلك من خلال تجنب الأداءات المرتقب دفعها بالعملة الصعبة.

إدريس الفينة – محلل اقتصادي وأستاذ بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي
 

«قرارات لجنة اليقظة الاقتصادية واكبت الظرفية الصعبة»

1- كيف تقيم عمل لجنة اليقظة الاقتصادية انطلاقا من القرارات التي اتخذتها خلال الفترة الماضية؟

لقد كان قرار إحداث لجنة اليقظة الاقتصادية قرارا مهما، وقد اتخذت اللجنة بدورها قرارات لمواكبة التداعيات السلبية للأزمة الحالية، وهذه القرارات كانت في محلها، وهي القرارات التي كانت مبنية على تطورات ومعطيات وشكايات من صلب الواقع اليومي للفاعلين، وقد كانت كذلك مبنية على تحليل للمعطيات التي توفرت خلال هذه الفترة. وبطبيعة الحال ما كان لتأخذ اللجنة قرارات أكثر مما تم اتخاذه، أو تصل إلى مستويات أبعد مما يمكن، على اعتبار أنها مقيدة بالإمكانيات المالية المحدودة والمتوفرة. وقد أحدث المغرب منذ بداية الأزمة صندوقا لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، وقد رصدت لتمويل هذا الصندوق مبالغ مهمة عبارة عن هبات الشركات الخاصة، وأيضا المساهمات الخاصة للأفراد والموظفين، وتلك خصوصية مغربية. وبطبيعة الحال هذه اللجنة تشتغل كما ذكرت في إطار ما هو تضامني، بما توفر لديها من ميزانية محدودة.

2- ما هي القرارات الاستشرافية التي يمكن أن تتخذها اللجنة، في إطار التوجه الاقتصادي لتخفيف الحجر الصحي؟

إن السؤال الذي طرحت هو سؤال كبير، لا يرتبط بقرارات لحظية، وإنما بتحليل معطيات مرتبطة، وهناك دول إلى اليوم ما زالت حائرة في ما يمكن اتخاذه من قرارات في هذا الشأن، على اعتبار أن هناك مجالات متقاطعة، لذلك لا يمكن تحديد قرارات من شأنها التأثير على هذه المجالات وفي مقدمتها صحة وسلامة المواطنين، والاقتصاد الوطني فقد نسبة مهمة من القيمة المضافة، وهذا الأمر مرتبط بقرارات صدرت بشكل وطني، أو من واقع قرارات خارجية، كما هو الشأن بالنسبة لتوقف القطاع السياحي، أو توقف جزء من الطلب الخارجي، ومازلنا ننتظر صدور الأرقام الاقتصادية لشهر أبريل الماضي، وهي الكفيلة ببيان حجم الأضرار التي لحقت الاقتصاد الوطني في جانب التصدير والاستيراد، وحين تصدر هذه المؤشرات قد يتضح جانب من الرؤية حول ما يمكن اتخاذه من قرارات، أما والوضع على ما هو عليه، فإنه من الصعب أخذ قرارات في إطار فرضيات. وشخصيا لا أحبذ تقديم توقعات غير مبنية على أسس علمية ورقمية، وأعتقد أن كل ما يقدم اليوم من اقتراحات وسيناريوهات فهي مبنية على أسس غير دقيقة، ولعل هذا هو الذي جعل الدول كذلك تبتعد عن هذه السيناريوهات والقراءات. أما بخصوص تحريك الاقتصاد، فأعتقد أن هناك توجها سابقا سارت في تنزيله الدولة، من قبل دعم الاستثمار، على اعتبار أن هذا هو المحرك الأساسي للاقتصاد، وأعتبر أن الدولة هي المستثمر الأول، ولا يمكن التعويل كثيرا على القطاع الخاص، كما أعتقد أن الإدارة أبانت خلال الأزمة عن سرعة في التجاوب، وأبانت عدد من القطاعات عن فعالية كبيرة، وهو الأمر الذي يجب تثمينه، فلو استمرت هذه القطاعات بالزخم نفسه لحققنا في ظرف عامين نسبة نمو قد تصل إلى 10 في المائة. وأعتقد أنه إن أردنا التقدم فيجب الاستمرار بالفعالية ذاتها التي ظهرت عليها عدد من القطاعات خلال هذه الأزمة، بالإضافة إلى ضمان احترام المسؤولية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب. وكما أشرت فإن المحور الأساسي هو دعم الاستثمار، باعتباره العصب الرئيسي للاقتصاد الوطني.

3- هل يمكن أن تواصل لجنة اليقظة الاقتصادية عملها بعد نهاية أزمة كورونا، أم أن الأمر مرتبط بتدبير هذه المرحلة فقط؟

بطبيعة الحال إحداث هذه اللجنة الخاصة باليقظة الاقتصادية كان بغرض تدبير المرحلة الحالية المرتبطة بأزمة انتشار وباء كورونا، وأرى أنه من الضروري العودة للاشتغال في إطار المؤسسات، واللجنة كما ذكرت مرتبطة بحالة الطوارئ الصحية ولا يمكن أن يسير المغرب في هذا المنحى، بالاشتغال بلجنة موازية في عملها لعمل المؤسسات الدستورية التي هي في الأساس وزارة الاقتصاد والوزارات المتدخلة، وفي المقابل يمكن أن نتحدث عن إحداث لجنة لليقظة الوطنية، وهي اللجنة التي يمكن أن تحمل هم ورش كبير للبلاد وهو ورش تحقيق التنمية والرقي، واليقظة ضد التخلف، ضد الوضعية الصحية المتردية وضد تراجع الخدمات الاجتماعية، ويقظة ضد عدم استفادة جميع المواطنين من حقهم في التنمية.

 


إقرأ أيضا