البام والبيجيدي.. تحالف سياسي أم صفقة لاقتسام الغنائم؟ - تيلي ماروك

البام - البيجيدي - تحالف سياسي - صفقة - اقتسام الغنائم البام والبيجيدي.. تحالف سياسي أم صفقة لاقتسام الغنائم؟

البام والبيجيدي.. تحالف سياسي أم صفقة لاقتسام الغنائم؟
  • 64x64
    الأخبار
    نشرت في : 05/11/2019

لم يكن مفاجئا عقد تحالف بين حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية لاقتسام مناصب مكتب مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، والذي يمكن وصفه بزواج المصلحة، لأن هذا التحالف ليس جديدا، رغم حدة المواجهة وتبادل الاتهامات بين قادة الحزبين طيلة العشر سنوات الأخيرة. فقد أبرم الحزبان أزيد من 50 تحالفا أثناء تشكيل المجالس الجماعية، خلال سنة 2015، كما ظهرت تحالفات بينهما داخل الغرف المهنية وداخل مجلسي البرلمان، ويكون الهدف دائما هو اقتسام «وزيعة» المناصب والامتيازات، ما يضفي طابع المصلحة على التحالف بين الحزبين، لأنه لا يقوم على أساس برنامج سياسي أو تقارب إيديولوجي.

عندما تحدثنا، قبل الانتخابات الجماعية والتشريعية التي جرت قبل أربع سنوات، عن إمكانية تحالف العدالة والتنمية و«البام»، وسردنا حالات للتحالف في طنجة والغرف المهنية، خرج صقور حزب «البيجيدي» وكتائبه الإلكترونية يكذبون ذلك، ويعتبرون «البام» خطا أحمر، وأنه حزب الفساد والتحكم. الآن بدأت تظهر معالم تحالف مستقبلي بين الحزبين، وخاصة بعد مباركة الأمانة العامة لحزب «البام» للتحالف مع حزب العدالة والتنمية بمجلس جهة طنجة تطوان، وما ترمز له هذه الجهة التي كان يترأسها الزعيم السابق لحزب «الجرار»، إلياس العماري.

وصفة التحالف بين «البام» و«البيجيدي»

خلال الانتخابات الجماعية، بدأ حزبا الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية في تجريب وصفة التحالف بينهما على مستوى المجالس الجماعية والجهوية، وكذلك داخل المؤسسة البرلمانية. فقد أسفرت نتائج الانتخابات الجهوية والجماعية التي جرت يوم 4 شتنبر 2015، عن تشكيل أكثر من 50 تحالفا بين «البام» و«البيجيدي» بمختلف المدن والأقاليم، لتشكيل المجالس الجماعية، وفي بعض الأحيان وقعت هذه التحالفات ضدا على التحالفات الطبيعية التي تقسم المشهد السياسي المغربي بين أحزاب المعارضة وأحزاب الأغلبية الحكومية.

وهناك أمثلة على هذا سجلت ببعض المدن، التي تعتبر بمثابة مختبرات لتجريب وصفة التحالف بين الحزبين قبل الانتخابات التشريعية المقبلة، فمثلا بمدينة تطوان، لاحظنا المعركة الطاحنة بين الحليفين داخل الحكومة، وهما «الأحرار» و«البيجيدي»، وكيف ضحى «البام» بحليفه السابق في تحالف «جي 8» لكي يتحالف مع الحزب الحاكم، وصوت مستشاروه لصالح محمد إدعمار، ضدا في الطالبي العلمي الذي قدم خدمات جليلة لحزب «التراكتور». وبمدينة الناظور، ضحى إخوان «البيجيدي» بحليفهم في الحكومة، حزب الحركة الشعبية، وقدموا رئاسة المجلس البلدي على طبق من ذهب إلى حزب «البام» الذي لم يكن يتوفر على الأغلبية داخل المجلس مقارنة بمرشح الحركة الشعبية، وهذا التحالف خلق نقاشا قويا داخل الأمانة العامة للحزب قبل مباركته من طرف لجنة التحكيم بالحزب. وأصبح التحالف بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة محسوما ولا يطرح أي إشكال داخل الحزب الحاكم، وذلك بعدما أصدرت هيئة التحكيم بحزب رئيس الحكومة قرارا غير مسبوق، يقضي بإلغاء قرار الأمانة العامة في حق الكاتب الإقليمي للحزب بمدينة الناظور وستة مستشارين جماعيين، بينهم نائب برلماني، سبق للأمانة العامة تجميد عضويتهم على خلفية تحالفهم مع الأصالة والمعاصرة ضد الحركة الشعبية لتشكيل المجلس الجماعي لمدينة الناظور. وقضت هيئة التحكيم ببراءة الكاتب الإقليمي ومستشاري الحزب، وبذلك زكت تحالفهم مع «البام»، بمبرر أن هذا التحالف هدفه هو الحرص على مصلحة الشأن العام ومصلحة الحزب، وسيشكل هذا القرار مرجعا في المستقبل لتبرير شرعية التحالف بين الحزبين، خاصة أن الأمانة العامة وافقت على القرار وألغت «تجميد» عضوية «المتحالفين» مع حزب «الجرار».

عطيني نعطيك

كشفت نتائج انتخاب رؤساء الغرف المهنية بالعديد من الجهات عن وجود تحالف «سري» بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، بعيدا عن التحالفات الطبيعية المعلنة. وأكدت النتائج أن حزب رئيس الحكومة منح أصواته لمرشحي «البام» ضد مرشحي تحالف الأغلبية، ما منح الفوز لهذا الحزب الذي يصفه رئيس الحكومة بحزب «الفساد والتحكم»، فقد تحالف حزب رئيس الحكومة مع حزب الأصالة والمعاصرة في أربع جهات، ويتعلق الأمر بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بالجهة الشرقية، حيث صوت أعضاء العدالة والتنمية لصالح عبد الحفيظ الجرودي، مرشح «البام» الذي فاز بالرئاسة، وذلك بناء على اتفاق مسبق لسد الطريق أمام مرشحي حزبي التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية، الذين وضعوا لوائح منافسة على مناصب نواب الرئيس.

وبجهة مراكش- آسفي، صوت أعضاء حزب العدالة والتنمية بالغرفة الفلاحية على مرشح «البام» بدون منافس، ويتعلق الأمر بالحبيب بن طالب، الذي فاز بالرئاسة بالإجماع، وذلك بعدما اتفقت جميع أحزاب المعارضة والأغلبية على اقتسام مناصب مكتب الغرفة، مع منح الرئاسة لحزب الأصالة والمعاصرة. ومقابل هذا الدعم، صوت أعضاء حزب «البام» على مرشح حزب العدالة والتنمية للفوز برئاسة غرفة الصيد البحري بجهة طنجة تطوان، وهي الغرفة الوحيدة التي فاز بها الحزب الحاكم، بدعم قوي من «البام» وبتحالف مع حزب الحركة الشعبية. كما منح حزب العدالة والتنمية كذلك أصوات أعضائه لحزب الأصالة والمعاصرة في انتخاب رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات، والتي فاز بها مرشح الحزب، كريم أشنكلي، بإجماع جميع أعضاء الغرفة، فيما حصل حزب رئيس الحكومة على منصب الكاتب العام ومقرر الغرفة، وجرت مفاوضات  من أجل منح أصوات «البيجيدي» لمرشحي «البام» في الغرف، مقابل منح مناصب بمكاتب الغرف لأعضاء حزب العدالة والتنمية، وجرت هذه التحالفات ضد منطق الأغلبية والمعارضة، بحكم المصالح الشخصية لأعضاء الغرف المهنية التي تغلبت على التحالفات السياسية والحزبية.

تدبير مجلسي البرلمان، بدوره، خضع لمنطق التوافق والتحالف بين «البيجيدي» و«البام»، فهذا الأخير ممثل داخل مكتب مجلس النواب بعضوين، فيما الحزب الحاكم ممثل داخل مجلس المستشارين بعضو يشغل منصب نائب الرئيس، وهو عبد الإله الحلوطي، النائب الثاني لحكيم بنشماش، وجميع القرارات التي يتخذها المجلس في الصفقات تتم بموافقة الحزبين معا، وكذلك عملية التوظيف وإلحاق الموظفين المنتمين إلى الحزبين، للاشتغال بالبرلمان، واقتسام الامتيازات المتمثلة في السيارات الممنوحة لأعضاء المكتب، وتوزيع «غنائم» السفريات على البرلمانيين.

وكشفت جلستا انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية من طرف مجلسي النواب والمستشارين، عن وجود تحالف «سري» بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، خلافا لما كان يعلنه رئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية وقادة حزبه. وشهدت الجلستان تبادل التصويت على مرشحي الحزبين بمنطق «عطيني نعطيك» لضمان نصيب كل منهما بالمحكمة الدستورية، حيث صوت نواب الأصالة والمعاصرة على مرشح حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، فيما صوت المستشارون البرلمانيون لحزب العدالة والتنمية على مرشح «البام» بمجلس المستشارين، لأن كلا الحزبين لا يمكنهما بلوغ النصاب القانوني بدون مساندة أحدهما للآخر، خاصة أن هذه المناصب تغري العديد من قيادات الأحزاب السياسية، نظرا للامتيازات التي يستفيد منها أعضاء المحكمة الدستورية، بحيث يتقاضى أعضاؤها تعويضا يساوي التعويض البرلماني، ويستفيد رئيس المحكمة من نفس تعويض وامتيازات رئيس مجلس النواب.

تحالف «البام» و«البيجيدي».. انتصار المصالح الحزبية

أثار تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الأصالة والمعاصرة على مستوى جهة طنجة تطوان الحسيمة، الجدل في الأوساط الداخلية لحزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، وذلك عندما قرر حزب العدالة والتنمية سحب مرشحه سعيد خيرون، مقابل حصوله على منصبي النائب الأول والخامس في تشكيلة المكتب الجديد لمجلس جهة طنجة، ليجد نفسه أمام سيل من الانتقادات التي عبر عنها عدد من مناضليه، وقياديين من شبيبته.

واستغربت تعليقات عدد من مناضلي «البيجيدي» تحول موقف حزب العدالة والتنمية بشأن حزب الأصالة والمعاصرة، كما تساءل البعض عما إذا كان هذا التحالف الجهوي مقدمة لتحالف أكبر على المستوى الوطني في المستقبل القريب.

ولم تقتصر الانتقادات على قواعد حزب العدالة والتنمية، بل امتدت لبعض أعضاء الأمانة العامة للحزب، التي اعتبرت أن منطق السياسة تغيير الموقف 180 درجة يقتضي نقاشا سياسيا يجيب عن سؤال، ما الذي تغير؟ وفي الوقت الذي كان التوجه السائد داخل مجلس جهة طنجة تطوان، هو الحفاظ على الأغلبية السابقة برئاسة فاطمة الحساني، الشيء الذي دفع حزب العدالة والتنمية بالجهة إلى إصدار بلاغ يوم 20 أكتوبر الماضي، جاء فيه أن «الاستمرار في منطق خلق أغلبيات هجينة، هو تكرار لنفس سيناريو 2015 مع ما ترتب عنه من هدر للزمن التنموي، خاصة وأن هذا المسار يخالف مسار الديمقراطية الجهوية والمحلية ويضرب أسس بناء جهوية متقدمة حقيقية، كما دعا إليها جلالة الملك نصره الله في مختلف المناسبات». كما رشح الحزب سعيد خيرون لمنافسة «البامية» فاطمة الحساني على رئاسة الجهة.

موقف «البيجيدي» دفع أحمد الإدريسي، القيادي في الأصالة والمعاصرة، إلى ربط الاتصال بمسؤولي العدالة والتنمية بجهة طنجة تطوان الحسيمة، حيث تم عقد لقاء في منزله، تم خلاله عرض المشاركة على «البيجيدي»، وبناء على ذلك أحاط قياديو الحزب بطنجة سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب، علما بالعرض الذي تلقوه، وقد سارع العثماني إلى تشكيل لجنة لدراسة الموضوع، وتقديم الخلاصات النهائية، وتشكلت اللجنة، التي ظل يشرف عليها العثماني من نبيل الشليح، رئيس فريق العدالة والتنمية بجهة طنجة تطوان الحسيمة، والبشير العبدلاوي، عضو الفريق وعمدة طنجة، وسليمان العمراني، نائب الأمين العام للحزب.

اللجنة تداولت وخلصت إلى أنه من مصلحة الجهة أن يكون «البيجيدي» في التسيير، معتبرة أن هذا التحالف جاء بناء على طلب من حزب الأصالة والمعاصرة، كما أنه تحالف مع باقي مكونات المجلس. في الوقت الذي اعتبر حزب الأصالة والمعاصرة أن العدالة والتنمية لم يعلن موافقته المبدئية على المشاركة في التسيير، إلا يوما قبل الإعلان عن تاريخ رئيسة الجهة، كما أن الاتفاق على منحه النيابة الأولى والخامسة لم يحسم إلا في التاريخ نفسه، أي قبل لحظات من انعقاد جلسة التصويت على منصب رئيس الجهة، حيث سحب مرشح العدالة والتنمية ترشيحه مقابل حصوله على منصب نائب الرئيس. وبرر «البيجيدي» تحالف حزبه مع الأصالة والمعاصرة، بتغير مجموعة من المعطيات على صعيد الجهة، وكذا استحضار معطيات أخرى.

وكشف سليمان العمراني، نائب الأمين العام لـلعدالة والتنمية، أن قرار تحالف الحزب مع الأصالة والمعاصرة كان تحت إشراف لجنة عينها الأمين العام، سعد الدين العثماني، معتبرا أن هذا القرار «أملاه تفاعل الحزب مع طلب وارد عليه من جهة الترشيح في هذه الجهة»، مضيفا أن التحاق حزب العدالة والتنمية بالأغلبية في الجهة «أمر مهم ونأمل منه فوائد عديدة». واعتبر العمراني أن قرار التحالف جاء تنزيلا للمقرر التنظيمي، والذي ينص على أنه «تشرف على تدبير التحالفات وتعيين مرشحي الحزب للرئاسة أو لعضوية مكاتب مجالس الجهات أو المدن الكبرى، لجن يعينها الأمين العام وتعمل تحت إشرافه»، موضحا أن «ممثلي الكتابة الجهوية للحزب بجهة طنجة تطوان الحسيمة نقلوا للأمين العام مع اللجنة المعنية الحيثيات والخلاصات، التي انتهى إليها اجتماع الكتابة الجهوية وفريق الحزب بالجهة، حيث كان التوجه العام يسير نحو المشاركة في التسيير».

وسادت موجة غضب واسعة في أوساط قيادات من «البيجيدي» وشبيبة الحزب، منذ إعلان قرار التحالف مع غريم الحزب. وعبر عبد العزيز أفتاتي، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، عن رفضه لتحالف حزبه مع حزب الأصالة والمعاصرة، معتبرا أن «هذا التحالف مع «البام» يجب معرفة على ماذا تأسس وما هي تطوراته، وهذا يمكن الإجابة عنه من طرف الكتابة الجهوية لـ«البيجيدي»»، معتبرا أن الحزب في «مرحلة سياسية تحضر فيها الأجندة المناهضة للسلطوية، و«البام» كائن فاسد سلطوي وليس لنا خيار إلا مواجهته وإحراق جميع السفن المؤدية إلى أي موقع فيه»، على حد تعبير أفتاتي. فيما نشر عدد من نشطاء شبيبة الحزب تدوينات بموقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك)، اعتبروا فيها قرار العثماني التحالف مع الأصالة والمعاصرة «ضربا لتوجه ومبادئ العدالة والتنمية».

وتحركت موجة سخط عارمة في هياكل حزب «البيجيدي» في جهة طنجة الحسيمة، التي اعتبرت قرار التحالف ضربا لمصداقية مبادئ الحزب، مشيرة إلى أن الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية سبق وقررت حل فرع الحزب بوجدة، بسبب تحالف أعضائه مع حزب الأصالة والمعاصرة «فما العامل الذي تغير حتى يتم رفض التحالف مع الحزب بوجدة وقبوله بطنجة؟»، مؤكدة أن «الغاضبين من قرار التحالف بدؤوا التنسيق من أجل توجيه مراسلة إلى سعد الدين العثماني، الأمين العام، يعبرون فيها عن رفضهم لهذا القرار».

بنكيران والعماري.. قصة صراع بكل الأسلحة

على مدى السنوات التي تحمل فيها عبد الإله بنكيران مسؤولية قيادة حزب العدالة والتنمية، ظل الأخير يهاجم بشراسة إلياس العماري، الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، ووصفه بأقذح النعوت والأوصاف، واعتبر التحالف بين «البيجيدي» و«البام» من سابع المستحيلات، لأنه كان يعتبر هذا الحزب «حزب البانضية» وله «خطيئة النشأة».

ووصف بنكيران خصمه اللدود العماري خلال الملتقى الجهوي العاشر للهيئات المجالية بـ «إبليس»، وقال «هداك إبليس ديال المملكة الذي وعد بعض الأحزاب برئاسة الحكومة»، كما هاجم العماري في مناسبة أخرى ردا على تصريح له يتهم فيه الخطيب، مؤسس العدالة والتنمية بالضلوع في ملفات مرتبطة بخروقات لحقوق الإنسان، وذهب بنكيران حد وصف العماري بـ «صعلوك آخر الزمان»، وقال بأن «الدكتور الخطيب بزاف عليه».

اتهامات بنكيران للعماري لم تقف عند حدود الأوصاف القدحية، بل تجاوزتها إلى اتهامات بالرغبة في التحكم وقيادة  مشروع إعلامي يعزز هذا الوجه، قال في مؤتمر لذراع العدالة والتنمية النقابي، الاتحاد الوطني للشغل، إن المشروع الإعلامي الذي أطلقه إلياس العماري «ظلامي وفاشل لأنه مؤسس على التحكم»، وأدخله في خانة مراكمي الثروات بدون حدود وبطريقة غير معقولة على حساب الطبقات الكادحة والمتوسطة»، مضيفا أن «السلطة لم يعد بإمكانها حماية من يستأثرون بالمال بطرق غير مشروعة»، كما ذهب بنكيران أبعد من ذلك وقال خلال حديثه في الجلسة الافتتاحية للدورة العادية لجمعية مستشاري العدالة والتنمية بالمقر المركزي إن العماري هو من يتحكم في وضع الأمناء العاميين لحزب الأصالة والمعاصرة الذي مات منذ 25 نونبر 2012 ولم يبق فيه إلا الجناح «المافيوزي»، وواصل مهاجمة العماري وعبره حزب الأصالة والمعاصرة والقول إنه الحزب الذي كان يهدد استقرار البلاد، حين تدخل في قضية وحدتنا الترابية بإكديم إيزيك.

وازدادت حدة هجوم بنكيران على العماري مباشرة بعد انعقاد المؤتمر الوطني الثالث لحزب «البام»، والذي انتخب خلاله أمينا عاما للحزب، حيث شن بنكيران في اليوم الثاني لانعقاد المؤتمر هجوما عنيفا، على إلياس العماري وشكك في مصدر ثروته، وتساءل باستنكار: «من أين أتى بـ 65 مليون درهم، التي أطلق بها مشروعه الإعلامي؟ فليقل لنا من أين حصل على ذلك»، كما وصف حزب «البام» بأنه حزب «البانضية».

لكن العماري رفض الرد على هجوم بنكيران، وذلك أثناء الندوة الصحفية التي عقدها مباشرة بعد انتخابه أمينا عاما للحزب، وقال «قطعت على نفسي وعدا كأمين عام للأصالة والمعاصرة ألا أتحدث مع رئيس الحكومة إلا بالمستوى الذي يليق بمؤسسة رئيس حكومة المغاربة» و«لن أرد عليه إلا بأسلوب فيه احترام كبير للمؤسسة التي أتشرف برئاستها»، وأضاف «نحن لا نهاجم الأشخاص، وحتى في مراحل الاختلاف الذي قد يصل بعض الأحيان إلى نفي الآخر»، وأكد أن حزبه، الذي يشتغل في المعارضة، «ليس هدفه الهيمنة، وسنحتل الموقع الذي نستحقه بمعية الشركاء الذين نتقاسم معهم حب الوطن».

وإن كان إلياس العماري يردد في العديد من المناسبات أنه لا يريد الدخول في صراع مع عبد الإله بنكيران والرد على تصريحات، إلا أنه في بعض المواقف انخرط في الحرب الكلامية ضد العدالة والتنمية وزعيمه بنكيران، واتهم في لقاء أمام برلمانيي حزب «البام» بكلا الغرفتين، بنكيران بتكوين عصابة القتلة، مهددا إياه بكشف ملفات خطيرة كرد فعل على اتهامات بنكيران لإلياس بتجميع الثروة الفاحشة و تشييد مطبعة بـ12 مليار، بل إن العماري بدوره ذهب للرد على تصريحات بنكيران التي يتهمه فيها بالمتاجرة في المخدرات، بعيدا، وطالبه في إحدى المناسبات بممارسة سلطاته وإعطاء أوامره بالاعتقال إن فعلا يتهمه بالمتاجرة في المخدرات، معتبرا أن الاتهامات التي صدرت عن بنكيران لا تفهم إلا في سياق كونه رئيسا للحكومة وليس أمينا عاما للحزب، وبالتالي فحسب العماري فالأمر يستدعي اتخاذ الأمور بالقانون أو اعتبار هذه التصريحات لا تسيء إلى رئيس الحكومة والمؤسسة التي يمثلها.


إقرأ أيضا