هكذا عجز العدالة والتنمية عن تنزيل برنامج التأهيل الحضري لمدينة سطات - تيلي ماروك

العدالة والتنمية - برنامج التأهيل الحضري - سطات هكذا عجز العدالة والتنمية عن تنزيل برنامج التأهيل الحضري لمدينة سطات

هكذا عجز العدالة والتنمية عن تنزيل برنامج التأهيل الحضري لمدينة سطات
  • 64x64
    تيلي ماروك
    نشرت في : 13/09/2019

مرت الآن 4 سنوات على انتخابات 2015 التي حاز خلالها حزب «البيجيدي» بمدينة سطات المرتبة الأولى، التي مهدت له الطريق لتسيير شؤون مجلسها. وبالرجوع إلى البرنامج الانتخابي الذي قدمه وكيل لائحة الحزب خلال الانتخابات، نجد أن الحزب قدم نفسه للسكان على أنه «المهدي المنتظر» الآتي من المعارضة بالولاية السابقة للمجلس لإخراج المدينة من الركود الذي عاشه سكانها لسنوات. لكن الواقع الحالي يؤكد أن حزب العدالة والتنمية فشل في تنزيل برنامج التأهيل الحضري للمدينة والذي تمت المصادقة عليه سنة 2014، بحيث يقف أبناء عاصمة الشاوية وزوارها أثناء تجولهم بكافة أرجاء مدينة «سيدي الغليمي»، على مشاريع طالها الإهمال وأخرى ما زالت تنتظر من حزب «البيجيدي» الوفاء بالوعود التي قدمها للسكان، فالعديد من المشاريع تحولت اليوم إلى أطلال، بالرغم من أنها كانت ضمن البرنامج الانتخابي للحزب.

ضمن برنامج عمل جماعة سطات 2017/2022، التي يسير شؤونها حزب العدالة والتنمية، هناك مجموعة من المشاريع التي تبناها المجلس البلدي ضمن المشاريع الذاتية للجماعة سرعان ما تبخرت، بعدما أخفق في إنجازها ومنها ما أصبح ملكا للخواص. مشروع بحيرة البطوار، أو ما كان يعرف لدى السطاتيين ببحيرة الأسماك، والذي كان متوقفا تم تحويله في عهد المجلس الحالي إلى أحد المستثمرين المقربين من الحزب بمدينة سطات، في إطار عقد كراء، وهو المشروع الذي ترامى صاحبه على سرير واد بوموسي مما قد يهدد بوقوع كارثة لا قدر الله.

88  مشروعا هو عدد المشاريع التي يتضمنها برنامج عمل جماعة سطات، منها من تكلف الخواص بإنجازها ومنها من تكلفت بها مصالح أخرى، أبرزها المجلس الإقليمي الذي أنقد ماء وجه حزب العدالة والتنمية من تعثر مجموعة من المشاريع، بحيث استطاع جلب اعتمادات مالية عجز عن تحقيقها المجلس البلدي من أجل إنجاز مجموعة من المشاريع الكبرى بمدينة سطات، وتشمل مشاريع تطوير الفضاء الخارجي للخزانة البلدية بسطات، وإعادة تأهيل مستشفى الحسن الثاني، وتأهيل وخلق المساحات الخضراء والحدائق والساحات العامة وتكسية الشوارع بالإسفلت، وكذلك الرفع من جودة الإنارة العمومية، بعدد من مداخل المدينة، إضافة إلى مجموعة من المدارات الطرقية الحيوية التي عانت الإهمال منذ سنوات، رغم أن المجلس الجماعي تبناها ضمن برامجه.

سوق الفتح.. تفريخ المستفيدين

بعد سلسلة من الوقفات الاحتجاجات التي خاضها تجار سوق «الفتح» بمدينة سطات، للتنديد بالوضعية التي أصبح عليها السوق المذكور، نتيجة لما أسموه غياب المجلس البلدي والإقليمي، في تحقيق حلم التجار بخصوص مشروع تأهيل هذا المرفق التجاري، كان المجلس البلدي السابق قد صادق في الدورة العادية الخاصة بشهر أكتوبر 2014، على نقطة متعلقة ببناء وتهيئة سوق الفتح، وهو المشروع الذي سيكلف حوالي 4 مليارات سنتيم و600 مليون سنتيم بما في ذلك تسوية الوضعية العقارية للأرض موضوع المشروع، والسوق التجاري الذي سيوفر 766 محلا تجاريا. وقد شهدت انتخابات 2015، لعب حزب العدالة والتنمية بسطات دور «المهدي المنتظر» بخصوص ملف تأهيل سوق الفتح كورقة انتخابية، قبل أن يتبين للتجار أن الوعود التي كانت تقدم لهم تبخرت، خاصة بعدما تحول المشروع الذي تبناه المجلس الجماعي واعتبره مشروعا ذاتيا واجتماعيا إلى مشروع تجاري تمت مباشرة مهمة إنجازه عبر اتفاق شراكة مع مؤسسة «العمران الدار البيضاء» وعمالة سطات، بكلفة إجمالية تناهز 110 ملايين درهم، وبمساهمة المستفيدين البالغ عددهم 764، بحسب الإحصاء الأول، بمبلغ مالي يقدر بحوالي 25 ألف درهم للمستفيد الواحد، على أن يضم المشروع حوالي 1200 محل تجاري، وهو الرقم الذي سيتم رفعه إلى حوالي 1900 محل. وقد تم تسجيل بعض التعثرات خلال عملية إنجاز المشروع، في وقت تعتمد شركة العمران منطق الربح أولا، بحيث شرعت منذ مدة في عرض محلاتها التجارية ضمن المشروع نفسه والتي تتراوح مساحتها بين 8 م² و52 م² للبيع عن طريق عروض أثمان تخص قطاع 1 الشطر 1 بالمركز التجاري الفتح، في وقت يتخوف المستفيدون الأصليون من تأثير هذه العملية على إنجاز المشروع في وقته المحدد وعلى نشاطه التجاري، فضلا عن تخوفهم من تقلص المساحة المخصصة لهم ومن انتقاء الشركة للمواقع الاستراتيجية في السوق، بعدما باشرت شركة «العمران»، بناء على اتفاقيتها مع المجلس، بيع المحلات التجارية المتواجدة بالواجهة على أن يستفيد الباقون من محلات يوجد بعضها بالطابق تحت أرضي، مما أعابه عدد من المستفيدين على المشروع، منتقدين تخلف المجلس عن التكلف بإنجاز المشروع وجعله مشروعا تجاريا بين يدي مؤسسة تعتمد فقط منطق الربح.

تفويت أراض لمقربين من الحزب

في مقررات دورات المجلس الحالي لمدينة سطات المسير من طرف حزب العدالة والتنمية يثير الانتباه أن المجلس لم يقصر في تفويت قطع أرضية في ملك الجماعة للخواص، في وقت يبحث المجلس نفسه من جهة أخرى عن قطع أرضية. ومن بين أغرب القطع التي تم تفويتها عن طريق الكراء القطعة الأرضية التي توجد عليها بحيرة البطوار، والقطعة الأرضية التي توجد بمدخل المدينة من جهة الجامعة على مساحة ستة هكتارات، التي تم تفويتها بدورها عن طريق صفقة كراء، وهي القطعة الأرضية التي خلقت انشقاقا داخل المجلس بين المعارضة والأغلبية، بعدما عملت هذه الأخيرة المستحيل لتمرير هذه الصفقة، والتي استفادت منها مجموعة الشعبي. وبعد البحث عن الكيفية التي تم بها تمرير هذه الصفقة من خلال تصفح الصفحة الرسمية لجماعة سطات على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، وقفنا عند جلسة عملية فتح الأظرفة لطلب العروض المفتوح رقم 02/2018 والتي انعقدت بتاريخ 19 يونيو 2018 والمتعلقة بكراء عقار جماعي لإقامة مشروع تجاري وسياحي بالمدخل الشمالي لمدينة سطات، بحيث مرت في ظروف تشوبها الضبابية، كما برر مكتب المجلس خلال هذه الجلسة الأمر بأنه بعد التأكد من توفر جميع الشروط الإدارية والمسطرية المطلوبة، باشرت لجنة طلب العروض عملية فتح الأظرفة وتفحص مكونات العرض الوحيد، والذي تقدمت به شركة يينا فلات ستيل YANNA FLAT STEEL، بدون منافس مما يطرح أكثر من علامة استفهام، حيث قررت اللجنة بإجماع أعضائها قبول العرض الذي تقدمت به هذه الشركة. وكانت لجنة التقييم المكلفة بتحديد السومة الكرائية للقطعة الأرضية، قد حددت المبلغ الافتتاحي للعرض في مبلغ 347.212,00 درهما سنويا، وهو ما جعل المجلس يعرض النقطة المتعلقة بالمصادقة على دفتر التحملات الخاص بكراء أرض الجماعة من أجل إقامة مركب تجاري وسياحي، للمناقشة خلال إحدى الدورات، وهي النقطة التي أخرجت للعلن مجموعة من الاختلالات التي صاحبت مشروع الصفقة، بعدما أكد أحد أعضاء المجلس أن المنطقة التي يعتزم المجلس كراءها غير مسموح فيها بالبناء بحكم أنها توجد على سرير واد بوموسى، كما حمل المستشار نفسه المجلس مسؤولية الترخيص بهذه الطريقة، خاصة بعدما فجر فضيحة تشير إلى كون هناك عرض قدم خلال الولاية السابقة لإنجاز مركز تجاري بنفس القطعة ولقي معارضة من طرف ممثلي أعضاء بالأغلبية الحالية أنذاك، قبل أن يفاجأ أعضاء المجلس بأن هناك خرقا قانونيا في تمرير صفقة الكراء بين المجلس والشركة صاحبة المشروع، إذ إن الثمن الافتتاحي لعملية الكراء بحسب لجنة التقييم هو 34 مليون سنتيم سنويا، في وقت قام المجلس بكراء العقار الجماعي بمبلغ 22 مليون سنتيم سنويا لشركة بأقل من الثمن الافتتاحي، وهو خرق قانوني مررته السلطات لغاية في نفس يعقوب، جعلت محمد بلكروح العضو بمجلس جماعة سطات يقدم سؤالا كتابيا في الموضوع ويحرج الرئيس ويطالب بالتحقيق في هذه الفضيحة.

هذا الملف لا يختلف عن سابقه، بحسب مصادر من المجلس، مشيرة إلى فضيحة تفويت عقار على مشارف بحيرة البطوار لأحد المستثمرين المقربين من الحزب، وهو المشروع الذي ما زال في منتصف الطريق، كما قام المجلس بتفويت عن طريق الكراء لنفس المستثمر قطعة أرضية أخرى بوسط المدينة، والمسماة بـ«حيط هابو» من أجل إحداث سوق مركزي. هذا الأخير كان موضوع ملاحظة من طرف لجان مركزية، وجهت مجموعة من الأسئلة لرئيس المجلس بخصوص ملفات التعمير، بحيث وصل عدد الأسئلة التي ما زالت تنتظر الإجابة عنها 47 سؤالا خاصا بمصلحة التعمير.

اجتثاث أشجار لإقامة مشاريع ترفيهية

منذ انتخاب المجلس الحالي لمدينة سطات، تزايدت عملية اجتثاث العشرات من الأشجار بالغابة المجاورة للمدخل الشمالي لمدينة سطات، بحيث تتم هذه العملية في واضحة النهار، بعدما رخص المجلس وعامل الإقليم لعدد من المستثمرين للقيام بمشاريع ترفيهية بالغابة الخضراء التي تعتبر المتنفس الوحيد لسكان عروس الشاوية، حيث يتم إعدام العشرات من الأشجار بمدخل المدينة، مما يفتح شهية لوبيات الاستثمار للظفر بقطع أرضية لإنشاء مشاريع استثمارية ترفيهية، والتي تحول معها مدخل المدينة إلى غابة إسمنتية إلى جانب الغابة الطبيعية، وخاصة على مستوى الطريق الوطنية رقم 9، وأخرى تم الترخيص لها بمحاذاة وادي بن موسى، في اتجاه سوق الفتح (شطيبة) وبالقرب من المركب الرياضي.

كل هذه المشاكل يكتوي سكان المدينة بنارها، في ظل ضعف البنيات التحتية بأغلب الأحياء، سيما الطرقات والأرصفة والإنارة العمومية والحدائق، التي باشر المجلس الإقليمي نيابة عن المجلس الجماعي إنجاز وتأهيل البعض منها.

أزيد من مليار ونصف لتدبير قطاع النظافة بدون نتيجة

من بين النقط التي فجرت المسكوت عنه من طرف بعض أعضاء مجلس جماعة سطات، الذين وجهوا انتقاداتهم لرئيس المجلس الجماعي، خلال دورة ماي الماضي، بسبب تراخي المجلس في تتبع مدى احترام الشركة المكلفة بالتدبير المفوض لقطاع النظافة بمدينة سطات، في الالتزام ببنوده، والتي لم تحترم عددا من الشروط المنصوص عليها في العقد، منها افتقار الشركة لبعض الآليات والتي اختفت مع يوم الانطلاقة، كما لم تحترم عدد العمال المتفق عليهم والمحدد في 165 عاملا، وهي المشاكل التي طفت على السطح خلال دورة إدراج إحدى النقط المتعلقة بالمصادقة على عقد التدبير المفوض لخدمات النظافة بمدينة سطات، وهو ما عرف المجلس بشأنه نقاشا حادا بعدما وجه محمد بلكروح العضو بالمجلس انتقادا شديد اللهجة لشركة النظافة، بسبب إخلالها باحترام ملحق عقد التدبير، حيث سجل أن المبالغ المالية التي تستفيد منها الشركة والمحددة في مليار و400 مليون مبالغ فيها، كما طالب بتطبيق دفتر التحملات. وأضاف بلكروح أن إمكانيات الجماعة متواضعة واعتبر أن التصويت على الملحق، وإضافة مبالغ مالية أخرى للشركة هي بمثابة هدر للمال العام، وتساءل حول الأجرة الحقيقية للعمال كشرط من شروط ضمان الاستقرار الاجتماعي.

وتساءل مصطفى القاسمي خلال مناقشة النقطة نفسها حول طريقة التوظيف التي تعتمدها الشركة مع أبناء المدينة، وطالب بتعديل الملحق قبل عرضه للمصادقة لأن هناك اختلالات يجب أن تعالج، مذكرا بهفوات عدم تطبيق واحترام دفتر التحملات، ومشيرا إلى عدم التزام الشركة بتزويد الأحياء بالعدد الكافي من الحاويات وتعويض الأخرى المتضررة.

مدينة تتخلص من النمط البدوي

رغم مرور سنوات على إحداث عمالة للإقليم، بحيث تعتبر من أقدم العمالات على المستوى الوطني، لجعلها قطبا إداريا وصناعيا واقتصاديا لعاصمة الشاوية، بفضل الدعم القوي الذي كانت تحظى به من لدن وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري، الذي جعل من مسقط رأسه نقطة لجلب الاستثمارات، وهو ما تمثل في إحداث منطقة صناعية تستوطن بها شركات دولية، سرعان ما أغلقت أبوابها وغيرت وجهة الاستثمار نحو مدن أخرى، فضلا عن إنشاء مركب جامعي متعدد التخصصات والكولف الملكي الجامعي، وجعل التقسيم الإداري ملائما لإقليم سطات..

كل هذه الامتيازات لم يستثمرها المسؤولون الذين تعاقبوا على تدبير شؤون المجلس الجماعي والإقليمي لمدينة سطات، وعوض تنزيل برامج واقعية للنهوض بهذه المدينة، تفرغوا للصراعات السياسية حتى أضحت اليوم تعيش داخل النمط البدوي، بسبب بعض المظاهر التي تشوه جمالها، بحيث تجوب الدواب والكلاب الضالة شوارع سطات وأزقتها، كما تحول محيط عدد من واجهات بعض الإدارات والساحات العامة إلى مراحيض عمومية في الهواء الطلق، أمام أنظار المسؤولين الذين يقفون موقف المتفرج.


إقرأ أيضا