ما حقيقة انتقال العدوى من عديمي أعراض الإصابة بـكورونا - تيلي ماروك

كورونا ما حقيقة انتقال العدوى من عديمي أعراض الإصابة بـكورونا

ما حقيقة انتقال العدوى من عديمي أعراض الإصابة بـكورونا
  • 64x64
    Télé Maroc
    نشرت في : 18/01/2021

تؤكد جريدة التحقيقات الفرنسية «فرانس سوار» على أنه من غير الضروري عزل الأشخاص عديمي الأعراض، في تشويه لنتائج دراسة صينية بعد الحجر الصحي لسكان مدينة ووهان، التي ظهر بها فيروس كورونا المستجد أول مرة خلال أواخر سنة 2019 وتعد منشأ الفيروس قبل انتشاره في مختلف دول العالم.

بدلاً من فرض الحجر الصحي على مجموعات سكانية بأكملها، هل كان كافيا عزل الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض الإصابة بفيروس كورونا فقط؟ هذا ما تقوله «فرانس سوار»، وهي جريدة تحقيقات سابقة تحولت، بفضل الأزمة الصحية، إلى موقع ناشط مناهض للقيود.

«الأصحاء، الذين يطلق عليهم اسم «عديمي أعراض»، لا ينقلون عدوى كوفيد-19، يعنون الموقع في منشور له بتاريخ 31 دجنبر 2020، بقلم الدكتور جيرارد ديلبين، والذي يستشهد بـ «دراسة صينية على 10 ملايين شخص! «. وبحسب المقال، فإن هذا التحقيق «الفرعوني»سيقدم دليلا على «الكذب السائد»:

«إذا كان المرضى الذين تظهر عليهم الأعراض وحدهم من ينقلون العدوى(...) فليس هناك سبب لفرض الإغلاق على السكان الأصحاء».

ومع ذلك، ليس هذا ما يقوله المقال، والذي، بالمناسبة، لا يتطرق إلى هذه القضية. أما بالنسبة للدراسات العلمية حول هذا الموضوع، فقد خلصوا إلى أن المرضى الذين لا تظهر عليهم الأعراض هم أقل نقلا للعدوى من غيرهم، إلا أنهم ينقلونها مع ذلك - بل حتى من الممكن أن ينقلوا العدوى بدرجة كبيرة خلال ما يسمى بمرحلة ما قبل الأعراض.

الصحيح إن الدراسة الصينية حول عشرة ملايين شخص موجودة بالفعل ونُشرت هذه الدراسة في مجلة  Nature Communications في 20 نونبر 2020. وقام بها شيي كاو ويونغ غان، وتشاو وانغ من جامعة هواتشونغ للعلوم والتكنولوجيا في ووهان، وتعرض الدراسة نتائج الاختبار الواسع الذي تم تنظيمه في مهد وباء كوفيد-19، في الفترة الممتدة من 14 ماي إلى فاتح يونيو 2020، تم إجراء الاختبار على 9899828 فردا تبلغ أعمارهم 6 سنوات أو أكثر، أي ما يعادل 92.9٪ من السكان، من أجل تقييم تأثير تدابير الإغلاق على انتشار الفيروس. وتم تحديد مائة وسبع حالات إيجابية بدون أعراض، ولم يلاحظ انتقال أي عدوى.

تم إجراء هذا الاختبار واسع النطاق بعد أربعة أشهر من «فرض تدابير الإغلاق الشامل» على السكان بشكل جذري، في وقت لم يعد ينتشر فيه الفيروس تقريبا في هذه المنطقة، وهو ما يفسر الأرقام المنخفضة جدا التي خلصت إليها الدراسة: من بين 10 ملايين شخص، ثبتت إصابة 300 شخص فقط. من بين هؤلاء، تم تحديد 107 منهم على أنهم حاملون فيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة النوع 2 (ليسوا أشخاصا يشتبه في إصابتهم بالفيروس بل نتائجهم إيجابية)، في غياب الأعراض. لم يتم الكشف عن إصابة أي من 1174 من المخالطين المقربين بالفيروس. هذا الاستنتاج، الذي أشارت إليه أيضا مجلة «بريتيش ميديكال جورنال»، هي التي دفعت «فرانس سوار» إلى كتابة أن الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض لا ينقلون العدوى.

 

معدلات أقل لنقل العدوى عند عديمي الأعراض

لقد أظهرت العديد من الدراسات الأخرى أن العدوى كانت متناسبة مع الأعراض. يقول جاي جوروتشوف، رئيس مركز علم المناعة والأمراض المعدية بباريس إن «العدوى مرتبطة بالحمل الفيروسي. ونحن نعلم أن الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض لديهم حمولة فيروسية أقل، وبالتالي يكونون أقل نقلا للفيروس. لذا تم الكشف عن حالات قليلة مصابة مخالطة لهم». وفقًا لدراسة في هذا الصدد، تم إجراؤها في سنغافورة على 628 حاملا لفيروس كورونا في العزل الصحي و3790 من المخالطين المقربين لهم، والتي نُشرت في مجلة «ذا لانسيت»، فإن مستوى العدوى لدى الأفراد الذين تظهر عليهم الأعراض أعلى بـ3.85 مرة من مستوى العدوى لدى عديمي الأعراض.

الخطأ على الرغم من أن المرضى عديمي الأعراض أقل نقلا للعدوى، إلا أنهم من الممكن أن ينقلوا الفيروس أيضا. دراسة «ذا لانسيت» التي شملت 628 سنغافوريا خاضعين للحجر الصحي أوردت أن خمسين حالة مخالطة انتقلت لها العدوى من مريض عديم الأعراض. «صحيح، ترتبط العدوى بالأعراض، لكن عدم انتقال المرض من المرضى الذين لا تظهر عليهم أعراض حقيقة لم تثبت صحتها حتى الآن»، يلخص ميرسيا صوفونيا، المحاضر في علم الأوبئة وتطور الأمراض المعدية في جامعة مونبلييه.

مرحلة ما قبل الأعراض أكثر المراحل نقلا للعدوى على عكس ما أكدته جريدة «فرانس سوار»، يحذر جاي جوروتشوفأن «الشخص الذي لم تظهر عليه أعراض كوفيد-19 يمكن أن يكون معديا بشكل كبير». هذا هو الحال في بداية الإصابة، عندما لا تظهر علامات الحمى والسعال وآلام العضلات بعد. بيد أن مرحلة ما قبل الأعراض تكون مخيفة من وجهة نظر وبائية. «لقد تبين بجلاء أن الأشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض شهدوا ذروة العدوى قبل نهاية فترة الحضانة»، يشرح ميرسيا صوفونيا، استنادا إلى دراسة أُجريت في أبريل 2020 والتي أكدت نتائجها أن 44٪ من الإصابات في البؤر تمت خلال هذه المرحلة.

«الفرق بين هذا الفيروس والفيروسات الأخرى ليس فقط في أهمية دور عديمي الأعراض، ولكن الحقيقة هي أنه يمكن للشخص أن يكون ناقلا للعدوى في الحالات الثلاث، عديم الأعراض، قبل ظهور الأعراض، وخلال السبعة إلى عشرة أيام بعد ظهور الأعراض. هنا تكمن صعوبة هذا الوباء»، يقول بأسف محمود زريق، أستاذ علم الأوبئة في جامعة فرساي-سان-كوينتين-إن-إيفلين.

ومن هذا المنطلق، تحمل «فرانس سوار» هذه الدراسة ما لا تطيقه. «يقول مؤلفو (المقال المنشور في Nature Communications) ذلك بأنفسهم، لمجرد أنهم ليسوا مرضى لا يعني أنهم لن يصابوا بالمرض، وهذا لا يشجع على الإطلاق - رفع الإجراءات الاحترازية. يقول غي جوروتشوف معربا عن دهشته: «إنه مكتوب بكل وضوح في ورقتهم».

اختبار(PCR)  و»مخلفات» الفيروس هنا يكمن سوء الفهم الثاني: الدراسة لا تجادل في الفائدة الوقائية للحجر الصحي، بل على العكس من ذلك تشهد على فعاليته التي لا يمكن إنكارها من وجهة نظر وبائية: «لقد انخفض معدل انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد بشكل كبير في ووهان، بعد خمسة إلى ستة أسابيع من رفع الحجر الصحي»، يستنتج مؤلفو الدراسة.

إذا لم يكشف التحليل الذي تم إجراؤه على 10 ملايين شخص عن وجود شخص عديم الأعراض ناقل للعدوى، فربما يرجع ذلك تحديدا إلى إجراء الاختبار في ذلك الوقت المحدد. يقول محمود زريق: «إذا خرجنا من الحجر الصحي بإجراءات صارمة، فيمكن أن نكون حاملين للفيروس ولكن سوف ننقل العدوى بدرجة أقل بكثير، لأن التباعد الاجتماعي والتدابير الوقائية قوية للغاية».

في الواقع، يمكن أن تكون مئات الحالات الإيجابية مجرد مرضى سابقين لم يعودوا ينقلون العدوى. تجعل الحساسية الشديدة لاختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) المستخدم من الممكن التعرف على «مخلفات» الفيروس، خاصة في منطقة البلعوم الأنفي، حتى في جسم متعاف. «بهذه الطريقة، يمكن أن تكون نتائج الاختبار إيجابية، إلا أن الشخص لم يعد ناقلا للعدوى»، يتابع محمود زريق.

من هذا المنظور، فإن مقال Nature Communications ليس دليلا جيدا على عدم انتقال العدوى من الأشخاص عديمي الأعراض. لتقييم ذلك، لم يكن من الصواب اعتماد مقطع عرضي، أي تحليل في نفس اللحظة الزمنية، ولكن رصد خطي، طويل الأجل، لهذه الحالات الإيجابية، كما فعل مؤلفو الدراسة في سنغافورة. ولكن على عكس ما تريد «فرانس سوار» أن يصدقه الناس، لم يكن ذلك ببساطة موضوع هذه الدراسة.

 


إقرأ أيضا