أدباء وصحافيين ورياضيين فلسطينيين ويهود عاشوا أحداثا مثيرة في المملكة - تيلي ماروك

المغرب أدباء وصحافيين ورياضيين فلسطينيين ويهود عاشوا أحداثا مثيرة في المملكة

أدباء وصحافيين ورياضيين فلسطينيين ويهود عاشوا أحداثا مثيرة في المملكة
  • 64x64
    تيلي ماروك
    نشرت في : 30/12/2020

مهما ظهرت من مطبات في مسار العلاقات المغربية الفلسطينية، إلا أن الفلسطينيين يعترفون بدور المغرب في دعم القضية الفلسطينية، سواء من خلال تنظيمات حكومية أو تطوعية أو من المواطن البسيط، الذي لا يخفي تعاطفه العميق مع معاناة الشعب الفلسطيني.

في عام 1960 زار الملك محمد الخامس فلسطين ووضع إمكانيات مغرب في طور البناء رهن إشارة الفلسطينيين، وبذل الملك الحسن الثاني جهودا، منذ منتصف السبعينات، في الحفاظ على مدينة القدس من خلال رئاسة لجنة القدس، والتي قامت بالعديد من المشاريع للحفاظ على المدينة المقدسة من التهويد، ثم كان قرار إنشاء وكالة بيت مال القدس، التي مولت العديد من المشاريع التربوية والاجتماعية والصحية والدينية لفائدة المقدسيين. وهو الخط نفسه الذي سار عليه الملك محمد السادس، الذي لطالما أنشأ مستشفيات ميدانية في فلسطين. وعلى المستوى الرسمي يجمع القادة الفلسطينيون على أن المغرب ظل حاملا لهم القضية الفلسطينية، مطالبا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، تعيش في سلام ووئام وأمان.

تذكر أدبيات المقاومة المسلحة نادية وغيثة برادلي، وهما شقيقتان مغربيتان انخرطتا في صفوف الثورة، لتكونا مثالين للنضال والتضحية المغربية. كانت نادية برادلي إحدى القصص التي كانت تحكى للنساء لتكون مثالا نضاليا استثنائيا.

كثير من الفلسطينيين جاؤوا إلى المغرب فطاب لهم المقام فيه، وعاشوا بين أهلهم واعتبروه بلدهم الثاني، على الرغم من بعد المسافات بين البلدين، وكثير منهم أصروا على أن يدفنوا في تربة المغرب، والنماذج كثيرة سيتم التفصيل في قصصها في هذا الملف، الذي يسلط الضوء أيضا على اليهود المغاربة والعطف الذي لفهم من طرف الملوك المغاربة، والتعايش والانصهار والتمازج الذي عايشوه في هذا البلد.

في هذا الملف سنتوقف أيضا عند يهود مغاربة حملوا قميص المنتخب المغربي في مجموعة من الرياضات، ورفعوا علمه خفاقا في التظاهرات الرياضية العربية والقارية.

 

محمد علي الطاهر.. صحافي فلسطيني وراء لجوء عبد الكريم الخطابي لمصر

في تونس والجزائر والمغرب والأردن وفلسطين يحضر اسم محمد علي الطاهر، الإعلامي العصامي الذي لم يدخل المدارس، لكنه تحول إلى اسم مؤثر في القضايا العربية، سواء في الشرق الأوسط أو دول المغرب العربي.

حل «أبو الحسن» وهذا هو اسمه الحركي بالمغرب بناء على دعوة من الملك محمد الخامس في يوليوز 1960، وقدم محاضرة حول زعيم الريف عبد الكريم الخطابي، وفي نهاية زيارته كان له لقاء مع الملك، وشح على إثره بوسام العرش، ونال ثناء ملكيا خاصا بسبب مواقفه المؤيدة للقضية المغربية، خاصة وأن مقالاته في جريدة «الشورى» وغيرها من الصحف كانت تصل الملك إلى منفاه في مدغشقر.

ظل محمد علي الطاهر، وهو في القاهرة، على علاقة متينة بالحركة الوطنية في المغرب العربي، أي في كل من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب منذ العشرينات، وقد ربطته بزعماء حركات التحرير في تلك البلدان صداقة متينة، ومن بينهم عبد الكريم الخطابي.

كان الخطابي وعائلته على متن الباخرة «كاتومبا»، التي توقفت في ميناء جيبوتي، ثم ميناء عدن اليمنية، يوم 22 ماي 1947، حينها توصل أبو الحسن ببرقية من أحد أصدقائه يقول فيها: «الأمير عبد الكريم الخطابي غادر عدن على الباخرة التي ستتوقف في السويس». ما أن توصل الصحافي بالخبر حتى راسل الملك فاروق في الموضوع، وطلب منه العمل على تخليص الزعيم المغربي من الفرنسيين، من خلال ملتمس اللجوء السياسي. كلف فاروق مستشاره الصحافي بالموضوع، فيما نسق محمد علي مع مكتب المغرب العربي بالقاهرة لبحث سيناريو اختطاف عبد الكريم من ميناء السويس، حيث تم تكوين لجنة للقاء الخطابي ومناقشته في أمر اللجوء، وفريق آخر توجه إلى بورسعيد لقيادة المرحلة الثانية، بعد أن منح الملك فاروق الضوء الأخضر للعملية.

وافق الخطابي على عدم استكمال الرحلة أمام استغراب الفرنسيين، فتوجه رفقة أعضاء مكتب المغرب العربي ومحمد علي الطاهر، إلى مكتب حكومي ببورسعيد، لمباشرة إجراءات تقديم طلب اللجوء وغادر المنطقة إلى القاهرة، وقبل حلول الليل كان الخطابي وعائلته قد أصبحوا ضيوفا رسميين للحكومة المصرية.

 

وجيه فهمي صلاح.. قصيدة أمام الملك منحته الجنسية والوظيفة

شاءت الصدف أن يحضر الشاعر الفلسطيني، وجيه فهمي صلاح، في اجتماع للجنة التنظيمية المكلفة بالتحضير للزيارة التي كان يستعد ملك المغرب محمد الخامس للقيام بها إلى فلسطين عام 1960، وكانت اللجنة تعقد اجتماعاتها تحت إشراف مصطفى خليل الأنصاري، محافظ المسجد الأقصى.

وقع الاختيار على وجيه ليكون من بين الشخصيات التي ستستقبل الملك المغربي، أثناء زيارته إلى القدس برفقة ملك الأردن الحسين بن طلال، بل إن الشاعر أصر على مرافقة الضيف المغربي حين زار مخيم اليرموك، الذي كان يأوي 12 ألف لاجئ فلسطيني، نصفهم من الأطفال الذين طردوا من وطنهم.

ألقى وجيه كلمة ترحيبية بالملك، وكان حينها صحافيا في محطة الشرق الأقصى الإذاعية، وأثنى على الحس الإنساني لملك زار فلسطين وأهداها مستوصفا يعالج المرضى من اللاجئين، وأعجب محمد الخامس بفصاحة الشاعر الشاب ودعاه إلى زيارة المغرب، وهو ما حصل، خاصة وأن التواصل بين السلطان والشاعر توطد، حين استكمل الملك الرحلة صوب الأردن وسوريا.

بعد أيام سيصل وجيه إلى الرباط تلبية لدعوة الملك، حيث التقى الدكتور المهدي المنجرة، إثر تعينه مديرا للإذاعة المغربية من طرف محمد الخامس، ودعاه إلى الاشتغال في محطة إذاعية ناشئة بتوصية من الملك الذي منح الشاعر الفلسطيني الجنسية المغربية، بعد أن كشف له وجيه عن تجربة سابقة في إذاعة «الشرق الأقصى».

في بداية مساره المهني بالمغرب، اشتغل فهمي وجيه صلاح إذاعيا، قبل أن يتم تعيينه مسؤولا عن البرامج الثقافية بدار البريهي، حيث ساهم في بلورة العديد من التصورات التي لاقت نجاحا في سنوات التألق الإذاعي المغربي. وبعد سنوات من العمل، تخصص الشاعر في تقديم البرامج الفكرية والأدبية، ويتذكر محبوه اللحظات التاريخية التي أشرف فيها على برنامج «ناشئة الأدب»، الذي كان يعده ويقدمه قبله إدريس الجاي.

لفتت قصائد الشاعر الفلسطيني نظر الحسن الثاني أيضا، خاصة القصائد الوطنية خلال المسيرة الخضراء، والتي تحول الكثير منها إلى أغاني حماسية، لكن القصيدة الأكثر ملامسة لوجدان الملك هي «التاج نور والمغاني تشرق».  

 

فرحان سلام.. حصل على جلباب محمد الخامس بسبب قصيدة

استدعي الشاعر الفلسطيني، فرحان سلام، لقراءة أبيات شعرية إهداء لملك المغرب بمناسبة زيارته إلى مخيمات اللاجئين عام 1960. فأنشد في حضرة محمد الخامس أبياتا مؤثرة، واصفا فيها مؤازرة المغرب ومساندته المطلقة لنضال الشعب الجزائري من أجل استقلاله وحريته بالملحمة الأخوية.

وقف فرحان أمام الملك بقامته الطويلة، معتزا بلباسه الفلسطيني وبعباءته المشرقية، وشرع في إلقاء تحيته، وقيل إنه كان يود إلقاء قصيدته وهو على صهوة حصانه، كما يفعل الشعراء الشعبيون.

أنشد قصيدة يقول مطلعها:

وقد انتصرت إلى الجزائر عندما

             وقعت بكيد الغادر المستعبد

فإذا الجزائر وهي تشكر سعيكم

            بطريق نصر بالنجاح مؤكد

يا ابن الملوك الصيد وابن محمد                           لازلت في عمر تسير وتقتدي

لازلت في دنيا العروبة مصلحا

             وبك العروبة للسعادة تهتدي.

ركز الشاعر في هذه الأبيات على الدعم المادي والعسكري والسياسي المطلق الذي قدمه المغرب إلى الجزائر، في ظروف محنتها ومأساتها، حين كانت جيوش الاستعمار تفتك وتقتل أبناءها المطالبين بالاستقلال والحرية. وحين انتهى من الإنشاد، أهداه الملك جلبابا مغربيا قيل إنه ملكي.

زار الشاعر فرحان المغرب، لكن سلطات الاحتلال سرعان ما صنفته في خانة المغضوب عليهم، وهرب إلى الإمارات العربية المتحدة، التي توفي فيها سنة 1999 وفيها دفن.

 

مصطفى جفال.. فلسطيني تزوج نادية برادلي وعلى كتفه كلاشينكوف

ارتبط مصطفى جفال، الأردني الجنسية الفلسطيني الأصل، بالمغرب مناضلا عائدا من معارك ضارية، ورجلا من رجالات القانون وعنصرا أساسيا في مركز علم السياسة والقانون الدستوري، ورجل أعمال يدير إحدى كبريات شركات النقل السياحي.  

قال في أحد مداخلاته معبرا عن مكانة المغرب في وجدانه: «لن أنسى ما كان يقوله شاعرنا الكبير المرحوم محمود درويش: «فيك تشعر وكأنك في فلسطين». كان محمود درويش يحب المغرب ومثقفي المغرب وكل أهل المغرب».

قصة جفال تستحق أن تتحول إلى سيناريو فيلم مليء بالإثارة، فقد ارتبط بنادية برادلي، نجلة برادلي صاحب حافلات نقل المسافرين الشهيرة، وعاش معها أصعب مراحل حياتها في عز الثورة الفلسطينية المسلحة.

اختارت نادية برادلي وشقيقتها غيثة النضال من أجل نصرة القضية الفلسطينية، إذ انخرطتا في إحدى خلايا منظمة التحرير بباريس، حيث كانتا تتابعان دراستهما في جامعة السوربون، بعد الحصول على شهادة الباكلوريا، لكن القدر كان يخفي أشياء أخرى، إذ سرعان ما حصلتا على شهادة النضال، وانتهى بهما المطاف في سجون إسرائيل.

وفي سنة 1970 تم إرسالهما إلى إسرائيل لتنفيذ عملية فدائية، فتم اعتقالهما في مطار تل أبيب وحكم عليهما بخمس سنوات سجنا، حيث عاشتا سنوات خلف القضبان، وبعد إطلاق سراحهما استقرتا في باريس، ثم حاولتا الدخول إلى المغرب، لكن الحسن الثاني رفض عودتهما، وقد عبر لهما عن ذلك يوسف بلعباس، سفير المغرب وقتها في باريس، كما يقول خالد الجامعي في أحد حواراته الصحافية، قبل أن يضيف: «في تلك الأثناء، تعرفت نادية في باريس على زوجها الأردني من أصول فلسطينية، مصطفى جفال، وهو أحد مؤسسي الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وانتقلت رفقته إلى اليمن، حيث كان ممثلا لمنظمة التحرير الفلسطينية. ومن اليمن، انتقلا إلى بيروت للاستقرار بها، حيث بدأت نادية تشتغل رفقة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في المجال الإعلامي».

اشتغلت نادية في مجال الصحافة، وتم تكليف زوجها الفلسطيني بتدبير ثروة الوالد وهو ما انكب عليه، إلى أن توفيت نادية سنة 1995.

 

واصف منصور والباتول الناصري.. حب في مظاهرة مساندة لفلسطين

يقول واصف منصور، الدبلوماسي والأديب الفلسطيني، مازحا حين يسأل عن هويته: «أنا من الدار البيضاء نسبا، ومن الرباط مقاما، ومن حيفا مولدا وبهذه التركيبة فأنا فلسطيني - مغربي». وهو ما يختزل سر العلاقة الوجدانية التي تربط الرجل بالمغرب، الذي عاش فيه مدة طويلة، وقدر له أن يدفن في تربته خلال يوم عيد.

نسج واصف أولى علاقاته مع المغرب في الستينات، حين دخل الجامعة وتمكن من التعرف على كثير من الشخصيات الأدبية والدبلوماسية، قبل أن يصبح أمين سر منظمة فتح الفلسطينية في المغرب، التي فتحت تمثيلية دبلوماسية وثقافية لها في العاصمة الرباط.

وسع واصف شبكة علاقاته في الستينات، حين دخل عالم الصحافة وأصبح مشرفا على صفحة أسبوعية خصصتها جريدة «العلم» للقضية الفلسطينية، وهو ما حدت حذوه جريدة «المحرر» التي أصدرت بدورها ملحقا للقضية بإشراف من منصور، ومسؤولية مباشرة من مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بالمغرب.

يقول واصف: «شعرت بأن شيئا أساسيا لا بد لي من استكماله، فاتخذت قرارا مصيريا سيكون له الدور الأهم في حياتي القادمة، قررت أن أتمم زواجي من الباتول الناصري، تلك الفتاة التي كنت قد تعرفت عليها في مرحلة الدراسة الجامعية وأحببتها واتفقنا على الزواج. وكنت قبل سفري إلى ليبيا ذهبت إلى مكتب شقيقها محمد المحامي بالدار البيضاء، الذي دبرت أمر لقائي به أول مرة».

طرق باب المحامي الناصري، الذي سيصبح وزيرا للعدل، وكشف عن نواياه، ملتمسا منه دعم قضيته المصيرية، سيما وأن الباتول كانت في صفه معلنة استعدادها الزواج من منصور، بالرغم من «فيتو» العائلة.

كان الوضع المالي لواصف سيئا، فالرجل الذي قرر الزواج لم يكن يملك سوى عقال وحسن نية، فيما كان راتبه، أو بتعبير أصح تعويضاته عن مهمته كسكرتير في مكتب منظمة فتح بالرباط، لا تسمن ولا تغني من جوع، حيث كان يعول في مرحلة الدراسة على المنحة الجامعية ليقتات ويناضل. 

حين تخرجت الباتول من كلية الحقوق التحقت بالمعهد العالي للدراسات القضائية، وهو في بداية نشأته، واشتغلت قاضية في المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، براتب خصصت جزءا منه لدعم ميزانية واصف التي تعاني من المديونية المزمنة.

يتذكر واصف اليوم الذي تلقى فيه إشارات من الباتول تدعوه لزيارة بيتها وتقديم الخطبة بشكل مباشر، وفقا للطقوس المغربية. لم يكن والداه يعيشان في المغرب، فقرر الاعتماد على زملائه في المنظمة وبعض أعضاء الجالية الفلسطينية. يستحضر منصور هذه اللحظة بكل تفاصيلها: «أخبرت عمي أبو نزار بموضوع الخطبة، فبارك الخطوة واتفقت معه على تشكيل وفد على الطريقة الفلسطينية يضم بعض كبار السن.

قرأ الحاضرون الفاتحة ووعدوا بكتابة عقد الزواج لاحقا، وخرج واصف والباتول مظفرين وهما يتبادلان إشارات النصر. عقد القران رسميا في أبريل سنة 1971، وبعد عام تزوج واصف الباتول، وقررا قضاء شهر العسل في مراكش، لكن «أيلول الأسود» قلص المدة.

استمرت الحياة الزوجية بين الطرفين 42 سنة، دون أن تتأثر بالمد والجزر الذي عرفته العلاقات المغربية الفلسطينية، قبل أن يرحل واصف إلى دار البقاء يوم الأربعاء 7 غشت 2013، وذلك عن سن تناهز 68 عاما، إثر إصابته بأزمة قلبية طارئة، ودفن في جوف تربة مغربية تلبية لرغبته.

 

ليلى شهيد.. طاجين أمازيغي أسقطها في حب محمد برادة

ولدت ليلى شهيد في 13 يوليوز 1949 بالعاصمة اللبنانية بيروت، لكنها عاشت الجزء الأكبر من حياتها بين باريس التي قضت فيها 12 سنة كمندوبة لفلسطين، وبين الرباط. تنتمي ليلى إلى عائلة الحسيني البورجوازية. عاشت في رخاء خلال وجودها في أوروبا، وتحولت صالوناتها إلى منتديات سياسية وأدبية.

في سنة 1974 انتقلت ليلى إلى باريس، لتبدأ مسارا آخر، وبعد سنة التقت في مونبرناس بالكاتب المغربي اليهودي الديانة إدمون عمران، في إطار بحثها الجامعي، وهي العلاقة التي قربتها من المغرب ومكنتها من التعرف على الكاتب المغربي محمد برادة بعد سنة واحدة، لتنتهي الحكاية بزواج صيف 1978، وتقرر الاستقرار في المغرب ومنه بدأت مسارا دبلوماسيا.

كانت أول زيارة قامت بها ليلى إلى المغرب في صيف 1976 بدعوة من عمران وزوجته، حيث رافقتهما في رحلة صيفية قادتهم إلى عدد من المدن المغربية، على متن سيارة بسيطة في ملكية الكاتب اليهودي، الذي عرف ليلى على يهودي آخر مدافع عن القضية الفلسطينية وهو أبراهام السرفاتي بعيدا عن عيون المخبرين، لكن أجمل ما تعرفت عليه في رحلتها نحو الجنوب المغربي «طاجين» أمازيغي جعلها تعشق المغرب بمعدتها قبل قلبها.

تقدم برادة لخطبة ليلى فلم يجد أي اعتراض، وهو ما حصل على وجه السرعة، سيما وأن والدتها سيرين كانت تنتمي إلى فصيلة الكتاب، حيث ألفت أكثر من مؤلف باللغة الإنجليزية. أقامت الزوجة الفلسطينية في العاصمة الرباط من 1977 إلى 1989، حيث أصبحت مدرسة في أحد الأحياء الهامشية، قبل أن تغير مسارها نحو النشر، حيث التحقت بإحدى دور النشر رفقة الكاتب المغربي عبد الكبير الخطيبي.

مثلت ليلى حركة تحرير فلسطين في إيرلندا، ومن ثم عملت كمديرة المكتب الإعلامي للمنظمة في لاهاي، وشغلت في الوقت نفسه منصب مندوبة فلسطين في هولندا والدانمارك. بين 1993 و2005 عملت كمندوبة لفلسطين بفرنسا، لكن على الرغم من انشغالاتها ظلت قارئة وفية لكتابات زوجها، ناقدة لأعماله، داعمة ومساندة لكثير من الكتاب المغاربة، خاصة حين يزورون عواصم أوروبية، لكن على امتداد مسارها السياسي ظلت ليلى عرضة لقصف تنظيم حماس، الذي لطالما وصفها بالمرأة التي «لا تفوت الفرصة للتهجم على حماس».

 

 

 

محمد معروف.. صحافي من عكا يوارى الثرى بالرباط

في صباح يوم الخميس، ثالث شتنبر الماضي، توفي الصحافي الفلسطيني المقيم بالمغرب، محمد معروف، على إثر أزمة قلبية مفاجئة، وكان الراحل يقيم في المغرب منذ 40 عاما، اشتغل خلالها مع العديد من المنابر الإعلامية العربية كمراسل لها من المغرب، قبل أن يشغل منصب مدير مكتب صحيفة «القدس العربي»، خلال 30 عاما.

منذ تعيينه مديرا لمكتب «القدس العربي» بالرباط، نسج الصحافي الفلسطيني شبكة علاقات واسعة مع مكونات المجتمع المغربي، وظل يتأبط ملف القضية الفلسطينية إلى أن انتقل إلى عفو الله، ليدفن بناء على وصيته في مقبرة بحي أكدال، وهو الذي ولد في عكا، لكن قدر له أن يصبح مختصا في الشأن المغربي.

نعت النقابة الوطنية للصحافة المغربية الفقيد، واصفة إياه بالزميل العزيز والمحبوب. وجاء في البلاغ أيضا: «هو فلسطيني الهوية والانتماء، أحب بلده المغرب واحتضنه على امتداد عقود، وفيه أسس لعلاقة مهنية وإنسانية شاسعة الأطراف، عنوانها الصدق والمصداقية. وبروح عالية، وسلوك متميز، وبجدارة كسب احترام الجميع وبدون منازع».

حسب مقربين من معروف، فقد كان له أصدقاء ومعارف من كبار القوم بالعالم العربي، كالرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، وقيادات من أعلى مستوى في الأردن والعراق والمغرب، وفضل العمل كمثقف حر، والعيش بقلمه ومن أجل فلسطين. لكن القدر لم يمهله ولم يتركه ينهي مذكراته.

 

انتصار الملاكم المغربي ماكس كوهين يغضب المصريين

دعا المصري عبد الرحمن الدمرداش مجلس الجامعة العربية، إلى توقيع عقوبات على المغرب، بسبب ما وصفه بسوء تنظيم دورة الألعاب العربية سنة 1961، وعرض تقريرا لرئيس البعثة المصرية في المغرب، تضمن ما أسماها مجموعة من الخروقات التي ميزت التظاهرة العربية. لم تكن اللجنة الوطنية الأولمبية الوطنية قد خرجت إلى الوجود، حيث لم تتم ولادة هذا الجهاز إلا سنة 1976، ولم يكن مجلس وزراء الرياضة العرب قد تأسس، لذا كانت الكلمة لرئيس مجلس الجامعة العربية، الذي قرر إنزال عقوبات بالمغرب على خلفية ما اعتبره فشلا في تنظيم حدث رياضي. لم تحدد القيمة المالية للعقوبة ولم تكشف عن العقوبة الرياضية، ولكنها أصدرت في بيان للجامعة العربية إشارة إلى عجز المملكة المغربية عن تحقيق الأهداف المتوخاة من الدورة العربية، إذ زكت الانشقاق بدل أن تكون فرصة لرص الصف العربي.

اعترف المغرب بالأخطاء التنظيمية، وبررها بظروف الإعداد، إذ إن المغرب عوض تونس التي تراجعت عن قرار تنظيم الدورة، بسبب ما عرف بانتفاضة بنزرت، وما ترتب عنها من استنفار أمني حال دون تنظيم الحدث، بل إن منتخبات تونس غابت عن دورة المغرب للأسباب نفسها، كما غاب العراق ولم تشارك السعودية إلا بمنتخب كرة القدم، وتخلفت دول الخليج العربي. لكن النقطة التي أفاضت كأس النزاع بين المغاربة والمصريين، هي المواجهة التي جمعت في رياضة الملاكمة بين ملاكمين مصري ومغربي، وانتهت لفائدة هذا الأخير بالضربة القاضية في الجولة الأولى. حينها اعترض الأشقاء المصريون وهددوا بالانسحاب من الدورة، لأن الفائز بذهبية البطولة العربية يهودي الديانة مغربي الجنسية ويتعلق الأمر بماكس كوهين، وهو الحدث الذي كاد ينسف التظاهرة، بل وشكك في الانتماء القومي للمغرب، كما ورد في «الرياضة المغربية، شواهد وأسرار»، للكاتب الصحفي الحسين الحياني.

ولد الفتى ماكس في يناير 1942 داخل أسرة يهودية مغربية، ونشأ في زنقة ورتينتون بالدار البيضاء، وسط بيت يحكم فيه الأب القبض على تحركات ابن مشاكس يعيش بين ست أخوات. منذ طفولته انجذب ماكس نحو كرة القدم، حيث مارسها مع فرق الحي، قبل أن يلتحق بناد للملاكمة في المدينة القديمة.

لفت كوهين نظر عشاق الملاكمة، في الفترة الذهبية لهذا النوع الرياضي، وحصل على بطولة المغرب في كل الأوزان التي مارس بها الفن النبيل، وبدأ صيته يصل إلى ربوع الوطن مباشرة بعد حصول المغرب على استقلاله، حتى انضم إلى المنتخب المغربي باعتباره مغربي الجنسية.

بعد اعتزاله الملاكمة كتب كوهين سيرته الذاتية في مؤلف يحمل عنوان: «نجمة في القبضة»، يروي فيه قصة علاقة مع القفاز، وهو الكتاب الذي قام بتقديمه الممثل السينمائي الفرنسي «جان بول بيلموندو».

 

 

يهود ضمن منتخب المغرب لكرة القدم في عهد الحماية

شكل فريق الياسام قوة كروية هائلة في المغرب، فقد كان نادي الإقامة العامة الفرنسية بامتياز، وبفضل دعمها تمكن من السيطرة على البطولات داخل المغرب وخارجه. كان الاتحاد الرياضي المغربي «الياسام» يضم في صفوفه سبعة لاعبين يهود مغاربة، أبرزهم النجمان نينو ليفي وجنين، وقد حملا قميص المنتخب المغربي، الأول القادم من مازغان والثاني من الدار البيضاء، فضلا عن مسيرين يهود من أعيان المدينة. وضم المنتخب أيضا لاعبين مغاربة مسلمين كالخميري والعربي بن مبارك وحميدة ثم سالم.

في موقع «دافينا» الخاص باليهود المغاربة، تقرأ: «كانت العلاقات في غاية الود بين المسلمين واليهود والمسيحيين، كان فريقا يضم ثلاث ديانات، وكان اليهودي بنعطار، رئيس جمعية قدماء تلاميذ الرابطة اليهودية، ضمن المكتب المسير للفريق وكان شابا يافعا، يصر على أن يخصص لكل فئة ظروف ممارسة طقوسها الدينية». يقول بنعطار: «كان الياسام نموذجا للتعايش بين الأديان، ففي ملعب الكرة تلغى الانتماءات وتصبح العقيدة الأولى هي الكرة».

للإشارة فقد تأسس الياسام يوم 13 أبريل 1913، ولقب سنة 1950 بسيد الأندية المغربية، لما حققه من ألقاب، يكفي أن مجموعة من النجوم حملوا قميص هذا الفريق كجيست فونتين، هداف نهائيات كأس العالم، والعربي بن مبارك، الجوهرة السوداء، وماريو زاتيللي، المدرب السابق لناديي أولمبيك مارسيليا ونانسي وعدد من الأندية الفرنسية، هذه التركيبة الخرافية من اللاعبين جعلت هذا النادي الأكثر تتويجا.

 

يهود مغاربة حملوا قميص المنتخب بالمحافل الدولية

شاركت بعثة للمنتخب المغربي في أولمبياد اليهود المعروف بـ«مكابياد» والذي احتضنته مدينة إيريتز بإسرائيل، كما آزر المنتخب المغربي المكون من يهود مغاربة مئات الأفراد من الطائفة اليهودية، الذين شدوا الرحال من مختلف بقاع العالم لدعم فرق قادمة من المغرب.

في صحيفة «المستقبل الواضح» المحسوبة على الطائفة اليهودية بالمغرب، الصادرة في فبراير 1935، نطلع على البعثة التي مثلت المغرب، وكان على رأسها ليون سلطان الذي أطلق نداء إلى الرياضيين اليهود المغاربة، دعا من خلاله إلى نصرة المغرب في المحافل الدولية، وقال: «من المهم جدا ألا يغيب المغرب عن هذه الدورة الأولمبية، ومن الأجدر أن نثبت للجميع أن المغرب بلد الرياضة، سنشارك بالأنواع الرياضية التالية: كرة الماء، السباحة، الملاكمة، المسايفة».

جاءت النتائج على الشكل التالي كما تنقل الصحيفة ذاتها:

كرة الماء:

المغرب/ تشيكوسلوفاكيا: 1/8

المغرب/ ليبيا: 10/3

المغرب/ بولونيا: 3/0.

وكان جو الصبان، حارس منتخب كرة القدم، هو من وقف في مرمى منتخب كرة الماء.

السباحة:

الصف الثاني: ألفريد نقاش.

وشارك منتخب المغرب لألعاب القوى في أكثر من تظاهرة مدعما بيهود مغاربة، أبرزهم بطل المغرب في سباقات السرعة «راوول سالمون»، وقد تألق في أكثر من تظاهرة قارية وعربية وفي «مكابياد» عام 1965 و1969. وعلى المستوى النسوي تألقت بطلة المسايفة وابنة مازغان شارل الغريسي، بطلة المغرب وعميدة المنتخب المغربي في أولمبياد روما وألعاب البحر الأبيض المتوسط في نابولي، قبل أن تنهي مشوارها في لوهافر الفرنسية.


إقرأ أيضا