كشف وزير الصحة، خالد آيت الطالب، أول أمس الثلاثاء بالرباط، عن مختلف التدابير والإجراءات التي اتخذها المغرب لمواجهة فيروس كورونا المستجد، ومن ضمن هذه التدابير إغلاق المجال البحري والجوي أمام المسافرين، وإلغاء التجمعات والتظاهرات وإغلاق المساجد والمحلات العمومية غير الضرورية.
حالة الطوارئ ورفع العزلة الصحية
تحدث الوزير في معرض جوابه عن سؤال محوري حول «الإجراءات والتدابير المتخذة لمحاصرة انتشار فيروس كورونا المستجد بالمغرب» بمجلس المستشارين، عن إعلان حالة الطوارئ الصحية وتقييد الحركة في البلاد إلى أجل غير مسمى، والتزام العزلة الصحية في المنازل إلى غاية 20 أبريل الجاري، مشيرا إلى أن قرار رفع العزلة الصحية يحتاج إلى عدة إجراءات وتدابير وشروط، سيتم النظر فيها لاتخاذ القرار المناسب بهذا الشأن. وتم في إطار هذه التدابير، وفق الوزير، إمداد المنظومة الصحية بكل الوسائل لضمان مكافحة الوباء بتخصيص صندوق وطني خاص بتدبير كورونا المستجد، بأمر ملكي، حيث منح الصندوق حوالي ملياري درهم لقطاع الصحة لتعزيز ترسانة الوزارة واقتناء التجهيزات لمواجهة الجائحة، واعتماد دواء الكلوروكين الذي يتم تصنيعه بالمغرب والذي تتوفر المملكة على مخزون منه لمعالجة المصابين، مؤكدا أن هذا الدواء أثبت نجاعته على المستوى الدولي للتخفيف من حمولة الفيروس وتقليص انتشاره.
وفي هذا الصدد، اتخذت وزارة الصحة، يضيف آيت الطالب، إجراءات استباقية في الحالات الصحية الاستثنائية، حيث تم وضع هذه التدابير تماشيا مع توصيات منظمة الصحة العالمية وحسب تسلسل هرمي، من خلال الترصد والتحاليل المخبرية، وتحديد معطيات ومعايير للحالات التي يمكنها القيام بالتحاليل، عبر الملاءمة والمواكبة من أجل ترصد الوضعية الوبائية والتكفل بالحالات المحتملة والتواصل عبر مجموعة من التدابير الاستباقية. وتهم هذه التدابير أيضا، حسب الوزير، رفع درجة اليقظة على مستوى نقط العبور وتعزيز الرقابة الصحية الصارمة في المطارات الدولية على الوافدين من المناطق الموبوءة ووضع الكاميرات الحرارية على مستوى جميع نقط العبور وتوعية جميع المسافرين القادمين من البلدان الموبوءة عن طريق المنشورات المخصصة لهذا الغرض، فضلا عن توفير سيارات إسعاف مجهزة لنقل الحالات المحتملة من المطارات والموانئ إلى مصالح الرعاية الصحية، وإشراك المراكز الحدودية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني التي قامت بمجهود جبار لدعم هذه العملية، عبر تحديد وتوجيه جميع الركاب.
إلزامية وضع الكمامات
تابع وزير الصحة أن السلطات العموميةقررت إلزامية وضع الكمامة بعد أن كانت تقتصر خلال المرحلة الأولى من انتشار الوباء بالمغرب على المريض، مبرزا أنه وبعد دخول المملكة في المرحلة الثانية من انتشار العدوى، أصبح من الضروري ارتداء الكمامة لجميع المواطنين لحمايتهم وحماية محيطهم. وأبرز، في هذا الصدد، أن وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي قامت بمجهود كبير لصناعة هذه الكمامات ذات الطابع المنزلي بشروط صحية، والتي تم دعمها ليكون ثمنها مناسبا للجميع، مشددا على أن هذه الكمامات ليست بالكمامات الطبية التي تخضع للعرض والطلب ومساطر مختلفة في التسويق.
وأكد أن الوقاية من الفيروس لا تقتصر على ارتداء الكمامات، بل يجب التقيد بشروط السلامة الصحية التي وضعتها السلطات، والالتزام المتواصل بالحجر الصحي وعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى والالتزام بقواعد النظافة، من قبيل غسل اليدين باستمرار بالماء والصابون أو المحلول الكحولي وتطهير المواد المستعملة والأسطح واتباع نمط عيش سليم يتمثل في التغذية المتوازنة والنوم الكافي، وأورد أنه في إطار التدابير الحمائية للمنتوج الوطني وضمان الشروط الملائمة لحماية المواطنين وتعزيز جاهزية البلاد لخطر تفشي الوباء، منعت السلطات العمومية تصدير الكمامات الطبية والأدوية خارج المملكة وشددت من نقط المراقبة منعا لتهريب هذه المنتوجات.
وعلى مستوى الجاهزية للتكفل بالحالات المؤكدة، يقول الوزير، فإن المغرب يتوفر على 1826 سريرا للإنعاش الطبي، معتبرا أن الإشكال لا يتمثل في عدد الأسرة بقدر ما يهم الموارد البشرية، ومسجلا أن المغرب يتوفر على 987 طبيبا متخصصا في الإنعاش والتخدير الذين يقومون بمجهود جبار، وفي هذا السياق، سجل آيت الطالب أن الحالات التي تتلقى العلاجات في مصالح الإنعاش تشكل 5 في المائة من الطاقة الإيوائية، معتبرا أن الأمر يتعلق بمؤشر جد مهم، «فحين يكون عدد الحالات الحرجة متقلصا يمكن القول إن هناك احتواء للمرض»، مؤكدا أن المهم ليس عدد حالات الإصابة المعلن عنها يوميا، بل الارتفاع المحتمل للحالات الحرجة التي يمكن أن تبلغ، حسب الدراسات، 15 في المائة، وتابع الوزير أنه تم تخصيص 1826 سريرا منها أسرة محدثة حديثا بدعم من المصحات الخاصة ب 504 أسرة إنعاش، وأسرة من الطب العسكري، مضيفا أنه لم يتم الاقتصار على المراكز الاستشفائية والمؤسسات الصحية، بل تم كذلك استخدام الفنادق، حيث ساهم قطاع السياحة بالفنادق والمراكز السياحية لتوسيع الطاقة الإيوائية، سيما بالنسبة لعزل الحالات التي تظهر عليها أعراض طفيفة.
وفي هذا الإطار، يضيف الوزير، تم اعتماد استراتيجية تقوم على ثلاثة إجراءات، تتمثل في تخصيص المستشفيات للحالات التي تظهر عليها أعراض المرض، والفنادق بالنسبة للمصابين الذين لا تظهر عليهم أعراض الفيروس، فيما خصصت بعض الفنادق للمهنيين الصحيين بالقرب من المستشفيات، وبعض الأشخاص المعالجين ويوجدون في مرحلة انتقالية، وتهييء فضاءات جديدة ومجهزة لاستقبال الحالات المصابة بالفيروس، منها المستشفيان العسكريان بكل من بنسليمان والنواصر والمعرض الدولي للدار البيضاء الذي تم تجهيزه لاستقبال الحالات، فضلا عن مصحة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
أما على مستوى التكفل بالحالات، فقد أشار الوزير إلى إصدار دورية للخطة التنظيمية للتكفل بحالات الإصابة بـ «كوفيد-19» ودورية خاصة للتكفل بالحالات التي تعالج بدواء كلوروكين، وتوسيع التحاليل المخبرية على المستوى الجهوي لتقليص المسافة والوقت بدل اقتصارها على ثلاثة مختبرات (المركز الوطني للصحة ومختبر المستشفى العسكري بالرباط، ومعهد باستور بالدار البيضاء).
توسيع دائرة التحاليل
أكد وزير الصحة أنه سيتم تنويع وتوسيع دائرة التحاليل المخبرية للكشف عن حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وفق استراتيجية وبروتوكول محددين استعدادا للخروج من العزلة الصحية وتقليص مدة ظهور النتائج، وأوضح أن توسيع دائرة الكشف سيساهم في تحديد الأشخاص الذين اكتسبوا المناعة بعد التعافي، وتشخيص رقعة المواطنين المصابين مع توفير الدواء والعزلة الصحية، مشددا على ضرورة استمرار العزلة الصحية حسب التطور الوبائي في المغرب، وشدد على ضرورة اليقظة، «لأن الوباء يمكن أن يتضاعف»، لذلك، يؤكد الوزير، «لابد من استمرار حالة الطوارئ، حتى الاطمئنان على وضعية الحالة الوبائية»، وقال في هذا الصدد، إن المؤشر المهم الذي يقدم معطيات حول سرعة انتشار الوباء وإمكانية انتشار العدوى من شخص إلى عدة أشخاص، كان في ارتفاع لكنه بدأ الآن يتقلص، وهذا يدل، حسب آيت الطالب، على أن هناك تحكما في الوباء، معتبرا في الوقت نفسه أن ذلك «لا يعني أن نتفاءل ونقول نجحنا وانتصرنا في المعركة، لا بد من اليقظة لأنه ممكن أن ينتشر الفيروس بسرعة كبيرة».
وأضاف أن الجائحة التي يعرفها العالم تعرف تطورات وتختلف من منطقة إلى أخرى وحسب البؤر، لافتا إلى أن المغرب يعيش المرحلة الثانية من تطور الوباء، لذلك اعتمد على الملاءمة وفق الإمكانيات التي يتوفر عليها وحسب تطور الوباء محليا، حيث لم يتم توسيع دائرة التحاليل المخبرية في البداية وتمت مواكبة الحالة الوبائية بالتدريج لملاءمة الإمكانيات والخضوع لمعايير منظمة العالمية للصحة.